تطور صادم يفضح حجم التداخلات المشبوهة داخل أجهزة مليشيا الحوثي، كشفت وثائق رسمية وشكاوى موثقة أن المواطن اليمني مقبل عامر المذحجي – الذي أوقفته السلطات اللبنانية بتهمة التخابر مع جهاز الموساد الإسرائيلي – كان على ارتباط وثيق بعدد من قيادات الحوثيين، بينهم منتحل صفة نائب وزير الخارجية السابق حسين العزي.
ورغم محاولة إعلام الجماعة تصوير المذحجي كـ"جاسوس شرعي" يحمل صفة دبلوماسية من الحكومة المعترف بها دوليًا، نفت السفارة اليمنية في بيروت بشكل قاطع أي علاقة للمذكور بالحكومة الشرعية أو بأي منصب رسمي، مؤكدة أنه حاول اقتحام حاجز أمني تابع للسفارة، ما استدعى تدخل السلطات اللبنانية.
لكن الوثائق التي حصلت عليها جهات أمنية، تكشف أن المذحجي كان يتردد على مكتب القيادي الحوثي حسين العزي وتواصل بشكل مباشر مع شخصين يُدعيان بـ"أبو هاشم" و"أبو حسين"، واللذَين وصفهما بأنهما من "النافذين داخل وزارة الخارجية الحوثية"، حيث كُلِّف بعدة مهام تتعلق بـ"الرد على جهات معادية" و"الإصلاح المؤسسي"، بحسب ما ورد في خطابات رسمية وشكاوى موجهة من قبله إلى النيابة الحوثية.
إحدى الشكاوى المؤرخة في 15 مارس 2023، تفضح بوضوح تعهد العزي للمذحجي بتعيينه ملحقًا دبلوماسيًا في دولة حليفة للجماعة، وتؤكد امتلاك المذحجي لتسجيلات صوتية ورسائل واتساب تحتوي على توجيهات وتهديدات تلقاها من مسؤولي الجماعة أثناء أداء المهام الموكلة إليه.
وتُظهر الوثائق أن علاقة المذحجي بالحوثيين كانت قوية حتى مطلع عام 2023، قبل أن تنقلب بشكل مفاجئ إثر خلافات داخلية، أعقبها مغادرته إلى القاهرة ومنها إلى بيروت، حيث جرى اعتقاله من قبل الأمن اللبناني بتهمة التخابر لصالح الموساد، بعد أن أقر خلال التحقيقات بتواصله مع ناطق باسم الجيش الإسرائيلي.
وتكشف هذه القضية عن خيوط معقدة من التلاعب والاختراق الأمني، في وقت تحاول فيه جماعة الحوثي إنكار علاقتها بالمذكور، رغم الأدلة التي تؤكد أنه كان جزءًا من شبكتها "غير الرسمية" التي تديرها عبر التعيينات الشفوية والعلاقات المشبوهة، بعيدًا عن أي مسارات قانونية أو دبلوماسية.
الجدل المتصاعد حول القضية لا يقتصر على الجانب الأمني فحسب، بل يسلط الضوء على حجم الفوضى في مفاصل سلطة الجماعة، ويفتح الباب أمام تساؤلات خطيرة:
من يدير خيوط اللعبة داخل مؤسسات الحوثيين؟
وكيف تحوّلت جماعة تزعم محاربة "الصهيونية" إلى حاضنة لعناصر يشتبه بتخابرهم مع إسرائيل؟