يرى خبراء أن تهديد مليشيا الحوثي باستخدام صواريخ جديدة ومتطورة ضد إسرائيل، انعكاس لتصاعد الضغوط على طهران، وسط حالة التأهب الإقليمي وتزايد المؤشرات لاقتراب موعد الضربة الإسرائيلية المحتملة على منشآتها النووية.
وعقب هجوم إسرائيل البحري على موانئ الحديدة، الثلاثاء الماضي، توعد رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" التابع للحوثيين، مهدي المشاط، برد "متعدد الاتجاهات وضربات مدروسة وفعالة وحيوية" على إسرائيل.
وهدد المشاط، في تصريح نقلته النسخة الخاضعة لسيطرة الحوثيين من وكالة "سبأ"، باستخدام صواريخ لم يتم استخدامها بعد.
ودعا سفارات الدول "القريبة من أهداف مشروعة لقواتنا" في تل أبيب، إلى إلزام الحكومة الإسرائيلية بتغيير مواقعها وإبعادها مسافة كافية، أو الإغلاق والمغادرة.
مستوى متقدم
ويشير الباحث في الشؤون العسكرية للحوثيين، عدنان الجبرني، إلى أن تحذيرات المشاط تعكس جاهزية الميليشيا لاستخدام نوع متقدم من الصواريخ متعددة الرؤوس الحربية، تنشطر على ارتفاعات محددة لضرب أهداف ثانوية إلى جانب الرأس الحربي الرئيسي.
وأوضح الجبرني، أن الحوثيين بالتعاون مع خبراء الحرس الثوري الإيراني، قاموا بتجربة هذه الفئة من الصواريخ للمرة الأولى ضد إسرائيل، منتصف سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، أي قبل أسبوعين من استخدامها في الهجوم الإيراني على إسرائيل، المعروف بعملية "الوعد الصادق 2".
وأضاف أن حديث الحوثيين عن "رد في اتجاهات متعددة" يمكن فهمه كإشارة إلى جاهزيتهم لتنفيذ ضربات بصواريخ أرض – أرض، تستهدف قواعد عسكرية أقرب جغرافيًا.
ويأتي تهديد القيادي الحوثي مواكبًا للتوترات المتصاعدة بين واشنطن وطهران بعد تعثّر المفاوضات النووية، وتزايد احتمالات توجيه تل أبيب ضربة عسكرية لمنشآت إيران النووية.
أدوات وقائية
بدوره، يرى محلل الشؤون الأمنية، عاصم المجاهد، أن تهديد الحوثيين باستخدام صواريخ جديدة ضد إسرائيل "ليس مجرد تصعيد في اللهجة، بل جزء من استراتيجية محسوبة، تأتي في إطار منظومة الردع الإقليمية التي تديرها إيران عبر وكلائها، في ظل تصاعد مؤشرات الضربة الإسرائيلية المحتملة ضدها".
وقال المجاهد، إن النظام الإيراني عندما يشعر باقتراب الخطر المباشر من أراضيه، فإن قواعد الاشتباك تتغير على الفور، ويتم ضخ أوامر ميدانية لإعادة تنشيط ساحات الضغط المتعددة، التي لم يتبق منها اليوم سوى جبهات العراق واليمن.
وبحسبه، فإن تهديد المشاط يمكن قراءته كإحدى الأدوات الوقائية التي تريد طهران من خلالها إيصال رسالة مزدوجة، مفادها أن أي تحرك إسرائيلي ضدها سيقابله تفجير للجبهات المحيطة، بما فيها الجبهة اليمنية التي كانت حتى وقت قريب ذات بعد رمزي أكثر من كونها ذات وزن عملياتي حقيقي.
وأضاف المجاهد أن "اللافت هذه المرة، أن التهديد تضمن الإشارة إلى صواريخ تستخدم لأول مرة، وهي صيغة يُراد بها إظهار تطور في القدرات الصاروخية التي يمكن نشرها في حال اندلاع المواجهة الكبرى".
وأكد أن الحوثيين يتصرفون الآن "كجزء مكتمل في بنية الردع الإيراني، لا كمجرد جماعة مسلحة محلية، وبالتالي فإن كل خطوة تصعيد باتت تحمل دلالة أوسع من مسرح العمليات اليمني، وهي رسالة موجهة ليس فقط إلى تل أبيب، بل أيضًا إلى واشنطن والعواصم الغربية التي تراقب ما إذا كانت إيران ستكتفي بامتصاص الضربة، أو ستقرر نقلها إلى خارج حدودها المباشرة".
وذكر أن المشهد الحالي لا يتعلق بصاروخ جديد، "بل بمرحلة جديدة من التموضع في معادلة المواجهة الإقليمية، حيث تُدار الحرب على إيران عبر وكلائها، لكنها قد تُرد عبرهم أيضًا".
ترميم الاتصالات
في غضون ذلك، تبذل ميليشيا الحوثي جهودًا لتأهيل شبكة منظومة اتصالاتها، عبر إعادة نشر معدات وأصول تقنية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، بعد تعرضها لأضرار واسعة خلال الضربات الأمريكية التي توقفت قبل أكثر من شهر.
ونقلت منصة "ديفانس لاين" المحلية المتخصصة بالشؤون الأمنية والعسكرية، معلومات تشير إلى تنصيب الحوثيين أجهزة هوائية وأنظمة توجيه في بعض المرتفعات الجبلية الحاكمة، ونقل محطات بثّ وتشويش ومعدات إلى المحاور والقطاعات العسكرية.
وبحسب المصادر الأمنية، فإن المعدات الاستراتيجية التي نشرها الحوثيون، تتضمن أصولًا مستخدمة في تسيير وتوجيه الصواريخ الباليستية والطائرات غير المأهولة، التي تستخدمها الميليشيا في هجماتها طويلة المدى.
وأشارت إلى قيام الحوثيين بتوصيل تمديدات شبكة اتصالات سلكية إلى المناطق الاستراتيجية، ومدّ خطوط خاصة إلى بعض مواقع المواجهات والنقاط المتقدمة، لربط مراكز القيادة والسيطرة والعمليات، في توجه نحو توسيع استخدام الشبكات السلكية وتقليل الاعتماد على المنظومات اللاسلكية وأنظمة الإشارة والبث الهوائي.