فضيحة مدوية أعادت تسليط الضوء على ملف الفساد في مؤسسات الدولة، كشفت وثائق رسمية عن تورط مكتب الأوقاف في محافظة تعز بتأجير "غيول وعيون مياه الأوقاف" لمستثمر خاص، في مخالفة صريحة لطبيعة ومقاصد الوقف الشرعي.
وبحسب وثيقة مؤرخة بتاريخ 10 سبتمبر 2024، فقد أقدم مكتب أوقاف تعز على توقيع عقد إيجار مع المستثمر "جمال أحمد عبد الله علي الجلال"، يقضي بتأجير عدد من غيول وعيون المياه التابعة للأوقاف، من ضمنها غيل ماء الجنات التاريخي، الذي يعود وقفه إلى العهد الرسولي في خدمة مسجد المظفر وساكني حارة المدرسة.
وفي تطور لاحق، وجّه محافظ تعز نبيل شمسان، في وثيقة رسمية صادرة بتاريخ 31 مايو 2025، مذكرة إلى مدير عام مكتب الأوقاف بالمحافظة، اتهمه فيها بارتكاب المخالفة ذاتها، مؤكدًا توقيعه للعقد ذاته مع المستثمر الجلال، ومخالفته للقانون ومقاصد الوقف.
وطالب المحافظ في الوثيقة بإلغاء العقد فورًا، وتسليم إدارة الغيول والعيون لفرع المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي، مع رفع تقرير عاجل بنتائج التنفيذ.
وثيقة العقد المسربة والتي جرى تداولها على نطاق واسع من قبل ناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي مساء الجمعة، فجّرت غضبًا واسعًا في الشارع التعزي، إذ أكد عدد من النشطاء أن مكتب الأوقاف قام بتأجير غيل الجنات للمستثمر الجلال مقابل ستة ملايين ريال فقط، متعمدًا حرمان الأهالي من مصدر مائي تاريخي يعد من أوقاف المسلمين.
وانتقدت منشورات متطابقة هذا التصرف الذي وصفته بـ"العبث الوقفي"، مؤكدين أن عيون الماء ليست ملكًا للمسؤولين حتى يتم تأجيرها لمن يشاءون، بل وقف شرعي لا يجوز المساس به، ويجب أن يخدم الأهالي كما كان منذ قرون.
وطالب نشطاء وهيئات مدنية بفتح تحقيق عاجل وشامل في هذه القضية، ومحاسبة كافة المتورطين في بيع وتأجير أملاك الأوقاف، مؤكدين أن "مياه الوقف ليست سلعة" وأن السكوت عن هذا النوع من الفساد يشجّع على مزيد من العبث بثروات الشعب وأوقافه.
