في محافظة تعز، حيث ينهش الجوع أجساد المواطنين وتشتد الأزمات الاقتصادية والمعيشية، ظهر "الروتي" – الخبز الشعبي اليومي – كعدو جديد لفقراء المدينة، بعد أن تقلص حجمه وانخفض وزنه، بينما قفز سعره بشكل جنوني، في ظل غياب شبه تام للجهات الرقابية وسلطة المدينة.
ففي وقت يتحدث فيه المسؤولون عن ضبط الأسعار وتخفيف الأعباء، بات المواطنون يُفاجأون يومياً بجشع بعض أصحاب الأفران، الذين وجدوا في هذا الظرف الإنساني فرصة للكسب على حساب البسطاء. حيث أقدم العديد منهم على تقليص حجم قرص "الروتي" ورفع سعره دون أي رقابة أو محاسبة.
"نشتري أكياس خبز لا تُشبع حتى طفل!"
الشاب ماجد الشميري عبّر عن استيائه قائلاً: "اشتريت اليوم تسعة أكياس خبز لعائلتي المكونة من تسعة أشخاص بـ4,500 ريال، كل كيس يحتوي خمسة أرغفة، لكنها بالكاد تكفي شخصاً واحداً… الرغيف صار هزيل لا يُسمن ولا يُغني من جوع!".
أما أم سوسن، فأوضحت أن الرغيف لم يعد يكفي أفراد أسرتها السبعة، وقالت بنبرة يائسة:"كنا نأمل أن ينخفض السعر مع تقلص الحجم، لكن ما حدث هو العكس… الرغيف أصغر وأغلى!".
من جانبها، وصفت أم أحمد أصحاب الأفران بـ"المطففين" الذين "ينقصون الموازين عمداً"، مؤكدة أن ما يحدث استغلال بشع لحالة الفقر التي يعيشها المواطنون، في ظل غياب تام لأي رقابة أو ضمير.
تبريرات وضرائب ومبررات لا تنتهي
وبرر أحد أصحاب الأفران في مديرية المظفر هذا التدهور، قائلاً إن"الوزن الرسمي للرغيف حُدد بـ50 جرام فقط، وهو لا يغطي التكاليف الفعلية لصناعة الروتي بسبب ارتفاع أسعار الدقيق والكهرباء والديزل والضرائب والإتاوات اليومية التي تفرضها السلطة المحلية".
وأضاف:"نبيع قرص الروتي بـ100 ريال حسب التسعيرة الجديدة، ولكن حتى هذا السعر لم يعد يضمن لنا البقاء.
غياب "الجهات المختصة".. وتلاعب بالأوزان والأسعار
وفي ظل غياب دور مكتب الصناعة والتجارة، وغياب أي معايير واضحة لضبط الجودة والحجم والسعر، يستمر بعض مالكي المخابز في التلاعب بأبسط حقوق المواطنين، وهم الرغيف الذي كان حتى الأمس قوت الفقير وصمام أمان الجوع.
ويعيش المواطن في تعز بين مطرقة الجوع وسندان الغلاء، وسط تساؤلات حارقة: أين الجهات الرقابية؟ من يحمي الناس من جشع التجار؟ وهل أصبح رغيف الخبز حلمًا بعيد المنال؟.
في مدينة تنزف تحت وطأة الحرب والانهيار الاقتصادي، يبدو أن "الروتي" لم يعد مجرد خبز… بل أصبح عنوانًا جديدًا للمعاناة!.