تلخيصا لفصول الألم والإهمال، فارقت المصورة العدنية الشابة "ضي إسكندر" الحياة مساء الثلاثاء 20 مايو 2025، بعد معاناة مريرة مع حمّى الضنك، لم تستمر أكثر من ساعات داخل غرفة العناية المركزة بمستشفى خليج عدن، لتخسر المدينة روحاً شابة كانت تحتاج فقط إلى دم ومستلزمات إسعافية أولية لإنقاذ حياتها.
ضي، التي دخلت المستشفى وهي تنزف دون توقف، واجهت مصيراً مأساوياً بسبب غياب الدم من فصيلتها (+B)، وعجز المنظومة الصحية في عدن عن التعامل مع حالات باتت تتكرر يومياً وسط عجز صادم وفوضى طبية قاتلة.
مصادر طبية كشفت أن حالات الوفاة بسبب الحميات المنتشرة في عدن تجاوزت 20 حالة في يوم واحد داخل مستشفى حكومي واحد فقط، ما يضع علامات استفهام كبرى حول الوضع الصحي الكارثي الذي تعيشه العاصمة، في ظل تجاهل رسمي وغياب كامل لأي استجابة طارئة من قبل الجهات المعنية.
الطبيب العدني ماهر أكد أن المدينة تعيش وضعًا صحيًا متدهورًا، مشيرًا إلى تفشي أمراض أخرى مثل الكوليرا، والضغط، وحصيات الكلى، نتيجة تدهور التغذية وانعدام الخدمات الأساسية، في ظل أزمة معيشية خانقة.
وثيقة رسمية صادرة من مكتب الصحة بعدن بتاريخ 18 مايو، كشفت عن انهيار خطير في الوضع الوبائي، بعد انسحاب منظمة الهجرة الدولية من مركز عزل الكوليرا، واعتماد الكادر الطبي على الجهد التطوعي، بينما الحالات اليومية تجاوزت 40 حالة يتولاها طبيب واحد وثلاثة ممرضين فقط لكل نوبة.
مستشفيات عدن اليوم تفتقر للمحاليل الوريدية والمستلزمات الطبية الأساسية، بينما يهدد الوباء آلاف المواطنين في ظل غياب كلي لوزارة الصحة وسكوت قاتل من حكومة المجلس الرئاسي، التي تكتفي بدور المتفرج.
وفاة ضي لم تكن حادثة عابرة، بل إنذار صارخ بأن عدن تذبح ببطء، والناس تموت بصمت في غرف العزل، وفي منازلهم، وعلى الأرصفة… فقط لأن الدولة غائبة، والمسؤولين غارقون في مصالحهم، بينما المدينة تنزف وجعًا ودمًا وأرواحًا.