في شهادة صادمة كُشفت لأول مرة، روى اللواء الطبيب السعودي سعود الشلاش كواليس مثيرة ومليئة بالتفاصيل الخطرة لعملية إنقاذ الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، عقب إصابته البالغة في تفجير دار الرئاسة بصنعاء عام 2011. شهادة تثبت أن نجاته كانت أقرب إلى المعجزة، بعد أن وصف الأطباء الأمريكيون حالته بأنها "صفر بالمئة قابلية للنجاة"، ورفضوا استقباله أو علاجه.
لكن قرارًا سعوديًا شجاعًا كسر كل التوقعات، حيث تحرك اللواء الشلاش، الذي كان يشغل حينها منصب رئيس المكتب الطبي العسكري السعودي، بسرعة لترتيب إجلاء طبي طارئ من صنعاء، في وقت كانت فيه العاصمة تغلي أمنيًا، والمطار شبه مغلق.
وبحسب روايته، فقد تم نقل صالح بسيارة مصفحة عبر طرق فرعية وأزقة جانبية بعيدًا عن أعين المتربصين، وسط مخاوف حقيقية من تعرض الموكب لهجوم. أما المطار فكان ساحة مفتوحة على احتمالات الموت، حيث انطلقت الطلقات النارية حول الطائرة قبيل الإقلاع بلحظات.
"أقلعت الطائرة بسرعة أقرب إلى الصاروخ"، قال الشلاش، موضحًا أن الطيار اتخذ قرار الطيران الفوري رغم الخطر، بينما كان الفريق الطبي على متن الطائرة يجهّز المستلزمات لإنقاذ حياة صالح في الجو.
وما إن وصلت الطائرة إلى السعودية حتى بدأ سباق الزمن: تم إدخال أنبوب تنفس خاص بالأطفال إلى حلق صالح بسبب ضيق مجرى الهواء الناتج عن الحروق، وتم إخضاعه لسلسلة من العمليات بلغ عددها نحو 20 جراحة معقدة على مراحل، كانت كل واحدة منها مخاطرة حقيقية بين الحياة والموت.
ورغم التوقعات الطبية المتشائمة، تمكن الفريق السعودي من إعادة الرئيس اليمني من حافة الموت، في مهمة وصفت بأنها الأعقد في تاريخ الطب العسكري السعودي.
هذه الشهادة الجديدة، التي تنشر لأول مرة، تفتح نافذة نادرة على ما جرى خلف الكواليس في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في تاريخ اليمن والمنطقة، حين كان القرار بين إنقاذ رئيس في رمقه الأخير.. أو تركه للمصير المحتوم. والسعودية اختارت الحياة.