آخر تحديث :الأربعاء-07 مايو 2025-07:20ص
اخبار وتقارير

أجندات خفية.. عدن تواجه تسريحًا قسريًا ومخططات توظيف مشبوهة

أجندات خفية.. عدن تواجه تسريحًا قسريًا ومخططات توظيف مشبوهة
الإثنين - 05 مايو 2025 - 12:56 م بتوقيت عدن
- عدن - نافذة اليمن - هبة البهري


في الوقت الذي تعاني فيه مدينة عدن من أزمات متتالية، ظهرت أزمة جديدة أكثر تعقيدًا، ذات أبعاد سياسية وأمنية، ترتبط بشكل مباشر بما يسمى بـ"الحرب الناعمة" التي تقودها مليشيا الحوثي عبر واجهات مدنية ومنظمات إنسانية. فبعد تصنيف الجماعة من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كمنظمة إرهابية دولية، تسببت تلك الخطوة في عزل الحوثيين دوليًا، ما أدى إلى حظر التمويل عن المنظمات العاملة في مناطق سيطرتهم شمال اليمن.


لكن بدلًا من مواجهة هذه العزلة، لجأت المليشيا إلى استراتيجيات جديدة تقوم على نقل الصراع إلى عمق المناطق المحررة. كان من أبرز هذه الخطط، نقل مقار المنظمات من صنعاء إلى عدن، والاعتماد على هذه الخطوة كواجهة لإعادة تموضعها، والاستفادة من التمويلات الدولية عبر بوابة الجنوب. ومع هذه الخطوة، بدأت موجة تسريحات قسرية تطال الكوادر الجنوبية العاملة في هذه المنظمات، دون أي اعتبار لسنوات الخدمة أو الكفاءة المهنية. تم استبدال هؤلاء الموظفين بآخرين جُلبوا من صنعاء ومناطق تخضع لسيطرة الحوثيين، في مشهد يعكس مدى تغلغل الأجندة الحوثية حتى في المساحات التي يُفترض أنها محررة.


الأمر لم يتوقف عند حدود التوظيف، بل امتد إلى توزيع المناصب الحساسة داخل المنظمات. حيث جرى تعيين الوافدين من الشمال في مواقع استراتيجية تتعلق بإدارة البيانات، والتخطيط التنفيذي، والتمويل، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول طبيعة المعلومات التي باتت في متناول جماعة مسلحة مصنفة إرهابية. هذا التغلغل يهدد بشكل مباشر الأمن العام في العاصمة عدن، ويجعل من المنظمات الإنسانية أدوات محتملة لاختراق المؤسسات المدنية.


تُعد الكارثة التي تعيشها عدن اليوم مزدوجة الأثر. من جهة، تركت مئات الأسر بلا مصدر دخل بعد أن فُصل أربابها تعسفيًا من وظائفهم، في مدينة تعاني أصلًا من تدهور اقتصادي خانق. ومن جهة أخرى، يشهد الشارع العدني ضغطًا سكانيًا متزايدًا نتيجة تدفق العاملين الجدد من الشمال، في وقت تعاني فيه المدينة من بنية تحتية متهالكة، وخدمات عامة متدهورة.


وفي خضم كل ذلك، تكشفت حقيقة مقلقة أخرى: تم تحويل التمويل الدولي المخصص لمشاريع في عدن والمناطق المحررة، إلى مشاريع تُنفذ عمليًا في مناطق الشمال التي لا تزال خاضعة للحوثيين، رغم أنها مناطق محظورة رسميًا في سجل العديد من المنظمات الدولية. هذا التحويل للموارد يُعد التواءً خطيرًا في المسار الإنساني، وتحايلاً على العقوبات الدولية، ويؤشر على وجود شبكة علاقات قوية تدير هذه التحركات في الخفاء.


تزايدت الأصوات في عدن للمطالبة بتدخل شفاف من الجهات الرسمية والمنظمات الأم المانحة، وفتح تحقيق دولي حول الانتهاكات التي تُمارس بحق الكوادر الجنوبية، وكذلك حول آليات توزيع التمويل والمشاريع. إذ لم تعد المسألة قضية وظائف، بل تحوّلت إلى ملف أمن قومي، يتطلب رقابة فاعلة وقرارات جريئة توقف نزيف المدينة، وتحمي ما تبقى من مؤسساتها المدنية من الاختراق.


عدن اليوم لا تواجه أزمة منظمات، بل معركة وجود في وجه أجندة حوثية ناعمة، تتسلل بصمت إلى مفاصل الحياة، وتستخدم الشعارات الإنسانية كقناع لتنفيذ مشروع انقلاب جديد... هذه المرة ليس عبر المدافع، بل من داخل المكاتب المكيفة والميزانيات المموّلة دوليًا.