أيّ رسالة أبلغ من أن ترى مليشيا تزعم أنها “يمنية” تتصدر مواكب اللطم في كربلاء، متوشحةً شعارات طهران، مهللة لولاية الفقيه، متناسية أرضها وأهلها وتاريخها؟!
لقد أثبت الحوثي، بالصوت والصورة، أنه ليس سوى فرع من شجرة مسمومة اسمها المشروع الإيراني، وأنه لم يعد يحمل من اليمن إلا الاسم، بعد أن سلخ جلده الوطني وباع هويته في سوق الولاءات.
ما جرى في كربلاء ليس حدثاً دينياً بريئاً، بل فضيحة سياسية كبرى. إنها لحظة سقوط القناع؛ الحوثي الذي يصرخ صباح مساء أنه “مدافع عن اليمن” ظهر مجنداً في مواكب إيران، يجر وراءه ركاماً من الأكاذيب.
لقد خرج من التاريخ اليمني كما يخرج الدخيل من بيت ليس بيته، وراح يتسكع في أزقة مشروع فارسي غريب لا يمت بصلة إلى أرض سبأ وحمير ومعين.
أيّ يمنٍ هذا الذي يريدون أن يصوروه بديلاً عن وطن الحضارة والعروبة؟
يمن اللطم المستورد، يمن الطقوس الغريبة، يمن الشعارات المعلّبة القادمة من قم وطهران؟!
لا وألف لا. فاليمن الذي أنجب أوائل المسلمين، ونشر الإسلام الوسطي المعتدل في أرجاء الدنيا، لا يمكن أن ينحدر إلى مسرح كربلائي مشوّه يدار بالريموت الإيراني.
الحوثيون لم يكونوا يوماً حركة يمنية أصيلة، بل هم مرتزقة بعمائم سلالية و طائفية مذهّبة، ينفذون أوامر السيد الولي في طهران كما ينفذ التابع أوامر سيده. يحاولون أن يزرعوا طقوساً غريبة بين الناس، لكنها لا تجد إلا السخرية والرفض.
فالمجتمع اليمني، الذي عرف التسامح الديني والاعتدال المذهبي لقرون، يدرك أن ما يُفرض عليه اليوم ليس ديناً، ولا مذهباً، بل مسرحية سياسية رديئة الإخراج، هدفها سلخ اليمن من جذوره العربية وإلحاقه بمشروع فارسي توسعي يقتات على أوطان الآخرين.
المسألة ليست مذهبية كما يهوّلون، بل أبعد من ذلك بكثير: إنها محاولة لاغتيال هوية شعب بأكمله.
فالحوثي يرفع المصحف بيد، ويغرس خنجر الولي الفقيه في خاصرة العروبة باليد الأخرى. يتحدث عن الجهاد ضد “أعداء الأمة” وهو في الحقيقة جندي صغير في جيش طهران، مهمته إشعال الفتنة، وتفكيك المجتمع، وتحويل اليمن إلى نسخة باهتة من الضاحية الجنوبية أو كربلاء.
إنها مأساة، نعم، لكنها مأساة تُضحك أحياناً. فمن المثير للسخرية أن ترى من يدّعي “السيادة” يتباهى بالارتهان، ومن يتشدّق بالهوية اليمنية يذوب في هوية دخيلة لا يعرفها حتى اليمني البسيط في قريته.
الحوثي اليوم ليس سوى نسخة منسوخة، نسخة بلا ملامح يمنية، مشوهة المظهر، مشوهة المضمون.
ولذلك فإن معركة اليمنيين معه ليست مجرد مواجهة عسكرية، بل معركة وعي ومصير.
معركة ضد التزوير الثقافي والتشويه المذهبي والاغتيال الهووي. معركة دفاع عن اليمن العروبي الأصيل في وجه مشروع فارسي دخيل يوزع الوهم ويزرع الخراب.
وومهمها خططت ايران و عمل الحوثي في الاخير، سيبقى اليمن حميراً عربياً مهما تشبّث الحوثي بعمائم قم، وسيبقى اليمنيون أكثر وفاءً لأرضهم وهويتهم من كل الطارئين.
أما الحوثي، فسيظل وصمة عار في تاريخ اليمن، مجرد صفحة سوداء سرعان ما ستُطوى مع أول شمس تعلن أن هذا البلد لا يقبل الدخلاء، ولا يبيع روحه في سوق الارتزاق.