على وقع أزمة الوقود التي بدأت في التصاعد مؤخرا، لجأت ميليشيا الحوثي إلى دفع المنشآت الصناعية والشركات التجارية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، نحو الاعتماد على الطاقة الشمسية، بدلا عن التيار الكهربائي المولد بالوقود الأحفوري.
وعممت الميليشيا توجيها صادرا عن "وزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار" في حكومتها غير المعترف بها دوليا، يحثّ أرباب المصانع والشركات "على سرعة تجهيز برنامج التحوّل نحو استخدام الطاقة الشمسية بديلا عن الكهرباء المشتغلة بالمازوت والديزل".
ويدعو التوجيه إلى "الاستفادة من الحوافز والامتيازات الواردة في قانون الاستثمار، ولما فيه دعم الاقتصاد الوطني"، طبقا للمذكرة المسرّبة.
ويأتي القرار الحوثي، كمحاولة لتفادي حجم الاستهلاك المتزايد للوقود في مناطق سيطرة الحوثيين، عقب أسبوع واحد على ضربات المقاتلات الأمريكية التي دمّرت منصة استقبال الوقود المتبقية في ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، ومع استمرار قرار واشنطن في حظر استيراد المنتجات البترولية إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الميليشيا.
تفكيك تدريجي
ويرى خبير الشؤون الأمنية، عاصم المجاهد، أن تحركات الحوثيين في مواجهة الإجراءات الأمريكية، يكشف مدى نجاحها في ضرب إحدى أهم نقاط قوة الميليشيا، المتمثلة في قدرتها على إدارة القطاعات الاقتصادية الحيوية، ومواصلة تمويل عملياتها العسكرية.
وذكر في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن التوجيه بتعويض نقص الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، يؤكد مخاوف الحوثيين من حدوث عجز حاد في الوقود، "وهو بالتالي ما سيضعف قدرتهم على التحشيد والتمويل ويدفعهم نحو الانكماش".
واعتبر المجاهد نجاح الإجراءات الأمريكية، "بداية تدريجية لتفكيك منظومة السيطرة الحوثية بواسطة الحرب الاقتصادية المركزة، ومع استمرار الاستهداف الدقيق لمصادر تمويل الميليشيا، فإن الانهيار قادم، إن لم يكن سريعا فبالتأكيد سيكون متراكما".
ومع توقف الإمداد الخارجي، وضعف القدرة الاستيعابية لتخزين المشتقات النفطية في مناطق سيطرة الحوثيين، عقب الغارات الإسرائيلية السابقة التي دمرت خزانات الوقود في الحديدة وصنعاء، باتت الميليشيا أمام خيارات صعبة بين الاستجابة لاحتياجات المواطنين من الوقود، ومتطلبات أنشطتهم العسكرية التي ستواجه اختناقا حادا في المستقبل القريب.
وسبق أن أصدر الحوثيون خلال الأيام الماضية، تعليمات بخفض الحصص اليومية المباعة للسكان في محطات التزود بالوقود في مختلف المدن الواقعة ضمن نفوذهم.
ضغوط متصاعدة
وتواصل الولايات المتحدة ضغوطها الاقتصادية على الحوثيين، بالتوازي مع العمليات العسكرية المتصاعدة؛ إذ فرضت يوم الاثنين، عقوبات على 3 من السفن وشركاتها المالكة، بسبب استمرارها في تزويد الحوثيين بالمشتقات النفطية، رغم نفاذ الحظر الأمريكي.
وقالت وزارة الخزانة، إن إجراءاتها تؤكد التزام واشنطن بإفشال جهود الحوثيين في تمويل هجماتهم الخطيرة والمزعزعة للاستقرار في المنطقة، من خلال "الأرباح المالية التي يحققونها من شحن البضائع عبر الموانئ التي يسيطرون عليها، ولا سيما تفريغ المنتجات البترولية المكررة".
ورحبت الحكومة اليمنية الاثنين، بإجراءات الخزانة الأمريكية، باعتبار شحنات النفط غير المشروعة "تمثّل مصدرا رئيسيا لتمويل آلة الحرب الحوثية التي قتلت اليمنيين منذ أكثر من 10 أعوام، وزعزعت الأمن الإقليمي، وهاجمت خطوط الملاحة البحرية الدولية وهددت حرية التجارة العالمية".
وكان وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، قد حذّر الأحد الماضي، جميع تجار المشتقات النفطية وملاك السفن والناقلات من التعامل مع الحوثيين، المصنفين أمريكيا كمنظمة إرهابية أجنبية، أو الموانئ الواقعة تحت سيطرتهم.
وأكد في تدوينة على منصة "إكس"، أن وجود 13 ناقلة محملة بالبترول والديزل والغاز، في منطقة الانتظار قبالة ميناء رأس عيسى الخاضع لسيطرة الحوثيين، "محاولة مكشوفة للالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على الميليشيا الحوثية الإرهابية".