آخر تحديث :الأربعاء-30 يوليو 2025-05:17م

اندلعت حرب صالح الأخيرة

الأربعاء - 30 يوليو 2025 - الساعة 01:57 ص

صلاح الورافي
بقلم: صلاح الورافي
- ارشيف الكاتب


وكنت أسكن جوار مكتب أحمد علي عبدالله صالح

على بعد ٢٠٠ الى ٣٠٠ متر من بيت صالح ولا أنسى تلك الأيام

التي كنت أنتظر فيها ضيافة الموت عندي لشدة الحرب في تلك المنطقة


أذكر في اليومين الأولين فرحة الناس في الشوارع وأملهم الكبير بانتصار صالح

وهزيمة ميليشا الخوثي، كان أملهم كبيراً إلى درجة أوهمتني أن هذا الأمل صار شيئاً يُرى بالعين المجردة، صار كتلة يفوق بحجمه جبال صنعاء، كنا نخرج للشارع مرة واحدة في اليوم لنلبي احتياجاتنا بسرعة ونعود إلى المنزل، وفي كل مرة كنت أخرج إلى الشارع، أرى فرحة الناس وهم يتناقلون خبر انتهاء الميليشيا وتمزيق الناس لصور قتلى الميليشا في الشوارع ولشعارات الميليشا وتنظيف السيارات من ملصقات الشعارات الخاصة بالميليشا ومن اللون الأخضر ومن كل شيء يمت بصلة لهذه الميليشا اللعينة.


منذ اللحظة الأولى للحرب صنعاء أعلنت جمهوريتها ومالت إلى صالح، ولأنني في الأماكن القريب لبيت صالح قبل أن تصل الحرب كلها إلى ذلك المربع، تواصلت معي قناة متلفزة وتحدثت كشاهد عيان لهذا الانتصار السريع فاخترت أن يكون اسمي أبو اسكندر لأن جاري كان من كبار قادة الميليشا فقلت لنفسي أن اختار اسما مستعاراً الآن خيرٌ من يختار لي هؤلاء قبراً مجهولاً في لحظة غضب وغدر، في اليوم الثالث للحرب وتحديداً فترة العصر اختلفت الأمور، دخلت الدبابات خط الحرب ولم يكن طيران التحالف مجرد مشاهد، فقد حدثت بعض ضربات جوية لهذا المربع الصغير، وحاصرت الدبابات محيط بيت صالح ومنعنا من الخروج لأي سبب، كنت أهرب إلى بدروم المبنى الذي كنت أسكنه خوفا من الرصاص المتطاير والعائد، وأسمع صوت كل شيء، كل إطلاق لرصاصة، كل إطلاق لقذيفة، كل ضربة دبابة، كل قذيفة RPG.


حينها أعلن حسن زيد في منشور فيسبوكي أن جماعته وصلت لصالح

وكان منشوره حسب ما أذكر (مسكوه مسكوا الخضعي مسكوه) كان منشوراً في الليلة التي تسبق إعلان خبر نهاية صالح.


لكن القتال لم يكن في محيط منزل صالح فقط

كان طارق يقاتل في محيط منزله كذلك لم يكن طارق وصالح معاً في ذات المبنى في اليوم الأخير، بل كان كل منهم يقاتل في مربع منزله.


حدثت الخيانات في اليوم الثاني للحرب، وقبض شيوخ القبائل ثمن خيانة صالح عدا الشيخ الغادر الذي حوصر بعد ذلك بفترة في قريته من قبل الميليشا طالبين منه أن يسلم كل الأسلحة التي اعطاه إياها صالح.


وانتهت صفحة صالح في صنعاء يومها وانتهت انتفاضته.

وفي اليوم التالي خرجت لأرى وجه صنعاء بعد ليلتين قضيتهما في بدروم المبنى، فكانت صنعاء مطفأة في عز النهار، واسودت أوجه الناس بالحزن والخذلان، وانتهت كتلة الأمل تلك بل صار حفرة يأس لا نهاية لعمقها.


ثمة تفاصيل حدثت بعد ذلك من اقتحامات للمنازل واختطافٍ لكل من شارك في هذه الحرب من طرف المؤتمر وصالح، سواء شارك بها في الميدان مقاتلاً أو حتى في الإعلام أو في منشور فيسبوكي.


وثمة تفاصيل أخرى حدثت معي بعد ذلك، منها تفاصيل هروبي من صنعاء بعد أن علمت أن هنالك من توصل لمعلومات عن كتابة بعض الأشياء باسم مستعار لجهة ما وبدأ يجهز لسجني ولولا تحذير صديق لي من عمق هذه الحركة لكنت الآن سجيناً ربما أو أسوأ.