ظروف اقتصادية واجتماعية ومعيشية قاسية، خلفتها حرب مليشيات الحوثي على مدى 9 أعوام مما ضاعف حالات الاضطرابات والاكتئاب والصدمات النفسية.
ويأتي اليوم العالمي للصحة النفسية في اليمن 2023 والذي يصادف الـ10 من أكتوبر/تشرين الأول في ظل إصابة ملايين اليمنيين بتبعات نفسية بعد أن فقدوا مصدر دخلهم، واعتقلوا، وعذبوا، وشردوا، فضلاً عن تفشي معدلات البطالة والفقر، وشن الحوثي أكثر من حرب آخرها الحرب الاقتصادية.
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن أكثر من 5.5 مليون شخص يمني، يعانون من اضطرابات نفسة وعقلية، وأنهم بحاجة إلى التدخل الطبي.
وتشير دراسات استقصائية يمنية إلى أن كل مواطن يمني يبلغ من العمر 25 عاماً عاصر ما يعادل 15 حرباً مسلحة، وقد أثرت الحرب الحوثية الأخيرة بشكل مباشر وغير مباشر على أكثر من 80 في المئة من السكان.
و لا تتوفر حالياً بيانات كافية عن الوضع العام للصحة النفسية في اليمن، لكن المعلومات المتاحة تشير إلى أن الكثير من السكان يعانون من التبعات السلبية النفسية والاجتماعية والعاطفية.
وتؤكد الإخصائية النفسية اليمنية شيماء العز، أن عواقب الحرب التي شنتها مليشيات الحوثي هائلة وكارثية، وأدت على مدى السنوات الماضية إلى إصابات صحية نفسية خطيرة، وضاعفت وغيرت في حياة المدنيين.
وأضافت أن هذه الإصابات تمثّلت في إصابة بعض أفراد المجتمع باضطرابات نفسية، مثل الاكتئاب، والقلق، وكرب ما بعد الصدمة، وانفصام الشخصية، والهلوسة والأوهام.
وأشارت إلى أن هذه الاضطرابات تستدعي التدخل والعلاج والرعاية الصحية الطارئة، وقد تسبب آثاراً سلبية طويلة الأجل على صحة الفرد النفسية والأسرية.
وأدت الحرب الحوثية ضد أبناء الشعب اليمني إلى نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، بالإضافة إلى تدمير العديد من المراكز والمستشفيات الصحية منها المتخصصة في العلاج النفسي والنادرة جداً.
و يؤكد أخصائيون نفسيون أن حرب المليشيات الحوثية في اليمن أثرت كثيراً بالواقع المعيشي والصحي لمختلف فئات المجتمع، خصوصاً النساء والأطفال، إذ واجهوا العديد من المشكلات الصحية والاضطرابات النفسية.
ويقول الإخصائيون، إن أهم تأثيرات اضطرابات النساء والأطفال النفسية، تتمثل بالفزع الليلي، والمعاناة من القلق النفسي، والاكتئاب، والإصابة بالفوبيا، وظهور بعض الاضطرابات السلوكية، ومشكلات أخرى كالتلعثم في الكلام لدى الأطفال.
وبحسب الإخصائيين، فإن تأثر النساء والأطفال يأتي بشكل أكبر، وذلك يعود إلى اعتبارهم فئات ضعيفة وحساسة تجاه الأحداث الصادمة والمؤلمة التي يتعرضون لها عند شن المليشيات قصفاً ضد المدنيين وحملات الترهيب والاختطافات المستمرة، بالإضافة إلى نهب موارد الدولة ومضاعفة الجبايات.
ووفقاً للباحث الاجتماعي اليمني صلاح عبدالواحد، فقد ارتفعت نسبة الانتحار خصوصاً في صنعاء إثر مصادرة مليشيات الحوثي الرواتب وقطع الخدمات الأساسية.
وأشار إلى أن اليمنيين الذين لديهم اضطرابات نفسية مزمنة يواجهون صعوبات في الحصول على العلاج إما لأنه مكلّف للغاية أو لأنه غير متوفّر.
ولفت إلى معاناة الأشخاص المصابين بالأمراض النفسية من الوصمة الاجتماعية مما قد يسبب لهم مشكلات متعلقة بالعزل والحماية، مؤكداً وجود فجوة كبيرة في مجال رعاية الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.
ويشهد القطاع الصحي النفسي في اليمن ندرة حادة في الأطباء المتخصصين النفسيين، وكذلك المراكز والمستشفيات المتخصصة في تقديم الخدمات الصحية النفسية والعقلية العصبية ومعالجة الحالات المصابة.
وبلغ عدد الأطباء النفسيين في اليمن حتى ما قبل عام 2020، 58 طبيبًا نفسيًّا، ما يعني توافر طبيب نفسي واحد لكل نصف مليون شخص.
ويُقدّر متوسط عدد العاملين الصحيين المتخصّصين في الصحة النفسية (أطباء وممرضون ومعالجون)، بحوالي 300 أي بمعدل متخصّص واحد لكل مئة ألف نسمة.
ووفق بيانات صحية رسمية، لا يتجاوز عدد الأسرة المخصّصة للصحة النفسية في اليمن 990 سريرًا، فيما تقدّر وزارة الصحة عدد مستشفيات الصحة النفسية العامة والخاصة بسبعة، أي بمعدل مستشفى لكل 4,25 مليون يمني.
وقالت منظمة الصحة العالمية في تقرير حديث لها إن اضطرابات الصحة النفسية في اليمن زادت بشكل واسع، مؤكدة أن 1 من كل 4 أشخاص في اليمن يعانون من مشكلات عقلية ونفسية بسبب الحرب الحوثية.
وأشارت المنظمة إلى أن الحصول على الرعاية للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الصحة العقلية يمثل تحديًا كبيرًا في البلاد، في ظل استمرار حرب المليشيات.