في الأوَّل من يوليو/ تموز 2019م، نشر الحوثيون في مواقعهم الإلكترونية ما وصفوها بالمبادرة الاقتصادية لمعالجة مشكلة الرواتب، تضمنت «إنشاء حساب خاص في فرع البنك المركزي اليمني في محافظة الحديدة، وتوريد إيرادات الموانئ الثلاثة (الحديدة، ورأس عيسى، والصليف) إلى هذا الحساب الخاص، حيث يستخدم لصرف المرتبات لكُلِّ اليمنيين».
تحولت المبادرة الاقتصادية الحوثية إلى مقترح أممي قبلت به الحكومة اليمنية حرصًا منها على صرف المرتبات للموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثيين من إيرادات رسوم استيراد المشتقات النفطية التي وضعت في الحساب الجديد والمحايد الخاص في البنك المركزي (الحديدة) بعد ضمانات قدَّمتها الأمم المتحدة. لكن ما الذي حدث بعدها؟ وهل التزمت جماعة الحوثي بالاتفاق؟ وهل صرفت مرتبات الموظفين؟!
في 18 مايو/ آيار في نفس العام، أدانت الحكومة اليمنية، قيام مليشيا الحوثي بنهب مبالغ حساب المرتبات هذا بعد أن وصل إجمالي إيداعاته من إيرادات استيراد المشتقات النفطية إلى أكثر من ٣٥ مليار ريـال يمني خصّصت للمرتبات. أي أنَّ المليشيات الحوثية، كعادتها، نكثت بالاتفاق المبني على مبادرة اقتصادية قدَّموها هُم، واعتمدتها الأمم المتحدة، وسرقت مرتبات الموظفين في المناطق التي تسيطر عليها، وسخَّرتها للعمليات الحربية وإثراء قياداتها.
استمر الحوثيون في نهب الأموال المُخصَّصة كمرتبات للموظفين وفق التفاهمات الاقتصادية واتفاقية ستوكهولم، رغم الاستنكار الحكومي المستمر. وفي يوليو/ تموز 2020م، اعترفت الأمم المتحدة بسرقة الحوثيين للأموال المُخصَّصة كمرتبات للموظفين وفق اتفاقية ستوكهولم والتفاهمات الاقتصادية، حيث قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيثس: «وكان مكتبي قد توسَّط العام الماضي بين الطرفين للاتفاق على مجموعة من الترتيبات المُؤقَّتة لدعمهما في الوفاء بالتزامهما في اتفاقية ستوكهولم لتوجيه الإيرادات المُحصَّلة من ميناء الحديدة إلى البنك المركزي اليمني من خلال فرعه في الحديدة وتخصيصها للمساهمة في سداد رواتب موظفي الخدمة المدنية في الحديدة وفي باقي مناطق اليمن. بموجب الترتيبات المُؤقَّتة، اتفق الطرفان على إنشاء حساب مُؤقَّت في فرع البنك المركزي اليمني في الحديدة تُوْدَع فيه الضرائب والجمارك والإيرادات من سفن الوقود والمشتقات النفطية التي تدخل عبر ميناء الحديدة، ومن ثمَّ صرفها بموجب آلية يتم الاتفاق عليها لسداد رواتب موظفي الخدمة المدنية. للأسف، توقفت تلك الترتيبات في الوقت الحالي بعد قيام أنصار الله بسحب الأموال التي تمَّ جمعها في الحساب الخاص بشكل أحادي الجانب في فترة سابقة من هذا العام».
وبحسب فريق الخبراء الأممي المُقدَّم إلى مجلس الأمن، بأنَّ الحوثيين سحبوا «50 بليون (مليار) ريـال يمني من البنك المركزي اليمني في الحديدة، وهو ما يُشكِّل انتهاكًا لاتفاق ستوكهولم، الذي نصَّ على أنَّ الإيرادات المُتأتِّية من الموانئ يجب أن تُوْدَع في البنك المركزي اليمني، وأن تُستخدَم لاحقًا لدفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية».
ومن خلال ما سبق، كان من الواضح أنَّ عملية حرمان الموظفين في المؤسسات الحكومية من مرتباتهم من قِبَل الحوثيين كانت عملية مُتعمَّدة، بهدف التجويع لتحقيق الأهداف المُشار إليها آنفًا، يقابل ذلك حَصْر المنافع والأموال والهبات لمن يعملون معها فقط.
#الراتب_بكرش_الحوثي