آخر تحديث :الثلاثاء-01 يوليو 2025-05:50ص

الطلبة.. سلاح الصين الخفي في قلب أمريكا

الثلاثاء - 01 يوليو 2025 - الساعة 02:54 ص

حسين الوادعي
بقلم: حسين الوادعي
- ارشيف الكاتب


في الاتفاق التجاري الأخير بين الولايات المتحدة والصين، برزت قضية الطلبة الصينيين الذين يدرسون في الجامعات الأميركية كأحد المحاور الأساسية للاتفاق، إلى جانب البنود المتعلقة بتخفيف الرسوم الجمركية وتزويد الصين للولايات المتحدة بالمعادن النادرة.


الطلبة الصينيون يشكلون النسبة الأكبر من الطلاب الأجانب في الجامعات الأميركية، وهم يمثلون عنصرًا مهمًا في دعم النهضة الاقتصادية الصينية، التي تعتمد بشكل كبير على اكتساب المعرفة الغربية، ثم تقليد التكنولوجيا الغربية وتحسينها أو إنتاجها بأسعار أرخص.


التجارب التاريخية تُظهر أن الابتعاث كان دائمًا أداة استراتيجية للنهوض الاقتصادي؛ كما حدث مع النهضة اليابانية وغيرها. لذلك، فإن وجود الطلبة الصينيين في أميركا لا يُعَدُّ مجرد مبادرات فردية لشباب طموحين وناجحين، بل هو جزء من استراتيجية وطنية مدروسة تهدف إلى الحفاظ على موقع الصين في المنافسة الاقتصادية العالمية.


ورغم التوترات السياسية والخلافات الأيديولوجية بين البلدين، تبقى الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للصين، وأحد أهم أسواقها التصديرية. وإذا ما أغلقت أمريكا أبوابها أمام المنتجات الصينية، فإن ذلك سيشكل ضربة كبيرة للاقتصاد الصيني. في المقابل، الصين تصنع جزءًا كبيرًا من المنتجات الأميركية. من الكمامات الى السيارات والملابس والموبايلات. ولو امتنعت الصين عن توريدها لتأرم السوق الاميركي وعجز عن التعويض.


أما فيما يخص الدول الفقيرة، فإن الدولة التي تخترق أسواقها المحلية بشكل أوسع وتُسبب التبعية الاقتصادية وتدمير الصناعات الوطنية، ليست الولايات المتحدة ولا أي دولة أوروبية، إذ إن بضائع هذه الدول غالبًا ما تكون باهظة الثمن ولا تتوفر في الأسواق الفقيرة. الدولة التي تلعب هذا الدور فعليًا هي الصين، التي تمارس نوعًا من “الإمبريالية الاقتصادية” والاختراق المدمر للأسواق المحلية في آسيا وأفريقيا.


لذلك، فإن التقسيمات الأيديولوجية قد تضلل فهمنا للواقع وتعقيداته. المصالح الاقتصادية وتشابكها هي ما يحدد طبيعة العلاقات بين الدول، وليس فقط الخطابات السياسية أو الخلفيات الفكرية.