في البيانات التي أصدرتها السلطة الجولانية حول جريمة تفجير كنيسة مار إلياس، نلاحظ ثلاثة استخدامات ملفتة للنظر:
البيان الأول لوزارة الداخلية تحاشى الترحم على أرواح الموتى، واكتفى بإصدار "التعازي" لأهالي كل من قُتل. والسبب، لا أظننا نجهله، هو أن السلطة ترى عدم جواز الترحم على موتى غير المسلمين.
الاستخدام الثاني هو لفظة “الضحايا” و”القتلى” بدلًا من لفظ “الشهداء” الذي تستخدمه السلطة دائمًا في بياناتها إذا كان القتلى “يشبهونها”. ومع أنني شخصيًا لا أحب استخدام لفظ “شهداء”، إلا أن التفريق بين “شهداء” و”ضحايا” و"قتلى" بناءً على الخلفية الدينية لا يُؤشِّر إلا على وجود سلطة لا ترى نفسها ممثلًا لكل السوريين.
الاستخدام الثالث، وهو الأكثر كارثية، هو قيام السلطة بـ”إدانة” حادثة التفجير، مما يثير التعجّب. فالحكومات غالبًا ما تُدين أعمال العنف التي تجري خارج بلدها وسلطتها القانونية لانها لا تحمل حق الفعل والعقاب. أما أن تقوم السلطة بإدانة جريمة جرت تحت سمعها وبصرها، ولأشخاص هي معنية بحمايتهم، فهو لا يعني إلا شيئًا واحدًا: أن السلطة ترى ضحايا التفجير خارج دائرة الانتماء التي تعترف بها، وأنها لا ترى نفسها ممثلةً إلا لمكون طائفي واحد.
ما تسكت عنه السلطة في بياناتها أخطر مما تقوله. فهي لا تكتفي بإهمال الضحايا، بل تنكر عليهم حتى حق الانتماء. هذا ليس خطاب دولة، بل بيان طائفة.