من الأوهام العروبية الشائعة أننا كعرب نعيش نفس التحديات، ولنا نفس الأعداء، ونمتلك نفس الحساسيات والقضايا.
لكن هذا وهمٌ بائد.
إيران، مثلًا…
الذين اكتووا بنيران الطائفية الإيرانية (اليمن، العراق، لبنان، سوريا) يرون أن إيران هي العدو الأول والشيطان الأكبر، وأن معركتهم المركزية هي ضد إيران وضد وكلائها (الحوثيين، حزب الله، الميليشيات العراقية… إلخ).
إيران أعادت اليمن إلى عصر الجوع والفقر والعبودية والعزلة والذل عبر أداتها الرخيصة (الحوثيين). وأي تأييد لإيران أو للحوثيين، حتى باسم قضية فلسطين، أراه كيمني اعتداءً على كرامتي وقضيتي، ومساندةً لعدوي التاريخي وقاتلي.
إسرائيل كانت وستظل عدوًا تاريخيًا لكل يمني، ليس بسبب تدخلاتها في اليمن، ولكن بسبب جرائمها ضد الفلسطينيين. وسيظل اليمنيون مساندين للحق الفلسطيني حتى النهاية.
لكن من يؤيد إيران أو أدواتها، فإنه يُلغي قضيتي الوطنية وكرامتي، ولن أتهاون معه.
البلدان التي سلِمت من عبودية إيران ووكلائها يملكون ترفَ التفريق بين الوجه الطائفي لإيران والوجه “المقاوم”، لكنها تفرقة كاذبة ومزيفة. فإيران لا ترفع علم فلسطين إلا للتوغل والاستيلاء على مزيد من العواصم العربية، وإغراقها في حمامات الدم والحقد الطائفي. والحوثي لا يرفع لافتة غزة الا ليشرعن مقتل المزيد من اليمنيين.
نعم، تجمعنا كعرب قضايا عامة. لكن أعداءنا ليسوا نفس الأعداء، وحساسياتنا ليست نفس الحساسيات.
والخنجر الذي ينغرس في عنقي وعنق أولادي، هو نفسه الذي يراه بعض العرب الآخرين سلاحًا من أجل القضية!
في الصراع الحالي، إيران وأدواتها هم عدوي المباشر والأول، وإسرائيل عدوي غير المباشر.
وكل من يتحالف مع أيٍّ من العدوين أو يؤيدهما، فهو عدوي كذلك.
ولمن يرفع راية الاحتجاج الاخلاقي على الاعتداء الإسرائيلي على سيادة ايران، لا تنسَ أن ايران نفسها اعتدت على سيادة اليمن وعلى حرية كل يمني، عبر دعمها الخفي والمباشر لأعدائنا.
وإن لم تدرك هذه الحقيقة وترفضها، فأنت عدوي او حليف عدوي — إما بغبائك أو بجهلك، وكلاهما سواء.