(..العمل ضد الحوثيين ليس أمرا ينتهي بضربة واحدة )بهذه العبارة علق رئبس الوزىاء الاسرائيلي على بلوغ الصاروخ الذي اطلق من اليمن وأصاب مطار بن جوريون اصابة مباشرة.
هذا الصاروخ المدمر ليس الأول الذي تطلقه الحركة الحوثية( انصار الله) على إسرائيل ولا نظن انه سيكون الاخير، ولكن هذا الصاروخ احدث ضررا كبيرا و تأثير هائل بمدرج المطار و خلّفَ اصابات عديدة، كما أثار حالة ذعر بالمطار ومحيطه، فبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر عسكري قال (.. منظومتي ثاد الأميركية وحيتس الإسرائيلية حاولتا اعتراض الصاروخ اليمني لكنهما فشلتا، في وقت توجه ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ).
هذا الحدث الذي يمثل زلزالا عسكريا وسياسيا داخل إسرائيل يشكّل فضيحة لهذه الدولة المتعجرفة، فضيحة بكل المقاييس وبكل الحسابات العسكرية، فإن تتمكن حركة متواضعة القدرات بأسلحة بسيطة كحركة الحوثيين المحاصرة والمعزولة سياسيا ومتواضعة القدرات الفنية ومن على مسافة أكثر من ٢٠٠٠ كم وتبلغ أسلحتها هذه ليس فقط إسرائيل بل قلب إسرائيل ومطارها الرئيس بالذات وتجتازعدة طبقات دفاع جوية أمريكية وإسرائيلية متطورة للغاية، يعني هذا أن نحن امام تطورات ساخنة فيىقادم الايام ،فالحكومة الإسرائيلية التي شعرت بالإهانة البالغة والحرج أمام شعبها وأمام العالم وتمرغت سمعتها وهيبتها العسكرية بالتراب ستعمد الى شن هجمات عسكرية قاسية ومكثفة ضد صنعاء انتقاما ولرد اعتبار للسمعة العسكرية لجيش يقول بأنه لا يقهر، فالامر جل بالنسبة لإسرائيل ولرئيس وزرائها الواقع في “حيص بيص” غزة. ولن تكتف اسراىيل هذه المرة بالايعاز والاستعانة بالجيش الأمريكي بالقيام بمهمة الرد،وهو الجيش الذي بالأصل ينفذ هجمات يومية في اليمن انتقاما لاسرائيل و لسفنها التي تستهدفها الحركة في البحر الأحمر.
نتوقع ان تكون الضربات الإسرائيلية هذه المرة مدمر بقوة وستطال مناطق مدنية وكثافة سكانية لاحراج الحركة امام الشعب في صنعاء والحُديدة وباقي المحافظات التي يطتواله القصف ، ونظرا لنفاذ بنك الأهداف العسكرية باليمن طيلة مدة الهجمات الأمريكية المستمرة حتى اللحظة وطيلة عشر سنوات هي عُمر الحرب باليمن التي تقودها السعودية إسنادا للحكومة اليمنية المعترف بها، مما يعني هذا بالضرورة سقوط مدنيين كثر اكثر مما تحدثها الهجمات الامريكية. وهو الأمر الذي سيضاعف من المعاناة باليمن دون ان يترك أثرا واضحا على القدرات العسكرية والتنظيمية على الحركة اليمنية التي استطاعت تكييف نفسها مع هكذا وضع وتمكنت من امتصاص الضربات بشكل كبير، فالسكان المحليين المنهكون اصلا جراء الوصع المعيشي وجراء الحرب العشرية هم من سيدفع الثمن أكثر من غيرهم.
كما نعتقد أن الولايات المتحدة ستزيد من الضغوطات على المملكة السعودية وباقي دول الخليج لإرغامها على الانخراط الهجمات ضد صنعاء واستئناف الحرب من جديد، أو على أقلها ممارسة ابتزاز مالي ضد المملكة لدفع تكاليف الهجمات التي تجاوزت ملياري دولار قبل اشهر.
المملكة العربية السعودية التي صرَفت نظرها عن الحسم العسكري باليمن واستعاضت عوضا عنه بالتسوية السياسية بعد ان أعادت علاقاتها من ايران الى سابق عهدها ستحاول الإفلات من تلك الضغوطات أو في أسوأ الأحوال ستدفع بعض الكلفة بطريقة غير معلنة، فالمملكة التي تنصرف الى استحقاقاتها الاقتصادية والإصلاحات الاجتماعية الداخلية الطموحة تعرف ان عودتها الحرب باليمن سيكلفها الكثير والكثير وسينسف خططها الداخلية، في وقت تدرك فيه الرياض ان قدرات الحركة الحوثية خلال العامين الماضيين- وهي الفترة التي اتفقت فيها الرياض وحلفاؤها اليمنيين الموالين لها مع الحركة الحوثية بهدنة عسكرية- قد تعاظمت هذه القدرات بشكل لافت. فإن كانت إسرائيل بكل هليمانها العسكرية الهائل والدعم الأمريكي والغربي اللامحدود قد عجزت عن كبح وصول الصواريخ والمسّرات اليمنية التي تبلغ قلب تل ابيب فكيف سيكون حال الجيش السعودي المتواضع قياسا بالجيش الاسراىياي مع هكذا أسلحة حوثية في حال انطلقت صوب اراضيها التي لا تفصلها سوى بضعة كيلومترات عن اليمن.
بالمجمل نقول ان ما جرى في تل أبيب من كسر نامس المؤسسة العسكرية والسياسية الاسرئيلية سيزيد من تعميق الازمة بالمنطقة ويضاعف من التصعيد بكل الأرجاء، على الأقل خلال الأسابيع القليلة القادمة في وقت لا يزال وقف إطلاق النار بعيد المنال بين غزة والاحتلال الإسرائيلي .
سيبقى لدى الولايات المتحدة في حال عجزت عن جر السعودية لحرب ثانية باليمن خيار الاستعانة بالقوات اليمنية المناوئة للحركة الحوثية المدعومة من التحالف (السعودية والإمارات) ولكن يظل إجبار هذه القوات والاستفادة منها محدود النجاح، نظرا لتواضع إمكانيات وقدراتها وتشظيها وتمزق قواها السياسية فيما بينها ،ناهيك عن أنها لن تخرج عن رغبة الرياض وابوظبي فضلا عن ثمة رفض كبير داخلها بالعودة للحكم في صنعلء على ظهر دبابة أمريكية على طريقة عودة المعرضة العرقية للحكم عام ٢٠٠٣م برغم عمق خلافتها مع الحركة الحوثية.. وبالتي لن يكن امام تل ابيب وواشنطن الا مضاعفة الهجمات. وبرغم كل ذلك لن نأتي هذا السيناريوهات بنتيجة حاسمة لإسقاط الحركة الحوثية وإن كان سيعمل على انهاكها وخسارة بعض قيادتها.