آخر تحديث :الخميس-27 نوفمبر 2025-01:05ص
ملفات

إدراج الحرس الثوري على قوائم الإرهاب.. محور إستراتيجية جادة ضد الإرهاب الذي ترعاه الدولة

إدراج الحرس الثوري على قوائم الإرهاب.. محور إستراتيجية جادة ضد الإرهاب الذي ترعاه الدولة
الأربعاء - 26 نوفمبر 2025 - 02:53 م بتوقيت عدن
- نافذة اليمن/ ملفات

يؤدي الحرس الثوري في بنية نظام ولاية الفقيه دوراً يتجاوز بكثير وظيفة القوة العسكرية التقليدية، فهو يشكل العمود الفقري الذي يربط بين ثلاثة مجالات حاسمة: القمع الداخلي، وتصدير الأزمات إلى الخارج، والهيمنة على مفاصل الاقتصاد.

هذا التداخل يجعل من الحرس الثوري أكثر من ذراع عسكرية للنظام”، ويضعه في موقع منظمة إرهابية مكتملة الأركان، تسخّر قوتها النارية، وأجهزتها الاستخبارية، وشبكاتها المالية لخدمة بقاء الحكم وتوسيع نفوذه في المنطقة.

من هذا المنطلق، فإن إدراج الحرس الثوري على قوائم الإرهاب ليس خياراً ثانوياً، بل محور إستراتيجية واقعية في مواجهة الإرهاب الذي ترعاه الدولة.

على الصعيد الداخلي، يشكل الحرس قائد العمليات الأساسية لقمع الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية. فكل موجة غضب عارم في الشارع الإيراني تُواجَه مباشرة بقوات تابعة له، من الوحدات الخاصة إلى الباسيج المنظم.

إطلاق الرصاص على المتظاهرين، والحضور المسلح في الشوارع، والمشاركة في الاعتقالات والتعذيب، ودوره المركزي في قمع الأقليات والنشطاء السياسيين والمدنيين، كلها تؤكد أن هذا الكيان هو العمود الفقري لماكينة القمع. وعندما يصبح هذا الكيان موضع تصنيف إرهابي، يصل إلى الشعب الإيراني مضمون واضح: المجتمع الدولي يقف في صفّ الضحايا، لا في صفّ الجلاد.

إقليمياً، يقود الحرس الثوري شبكة من الميليشيات والقوى بالوكالة تآكلت عبرها بنية الدولة في عدد من البلدان. من العراق إلى سوريا، ومن لبنان إلى اليمن، يتكرر النمط نفسه: استغلال الفراغات السياسية والانقسامات الداخلية لزرع ذراع مسلح تابع، تحويل الأزمات السياسية إلى حروب استنزاف، واستخدام هذا الوضع كورقة للمساومة مع القوى الكبرى.

هذا النمط لم يجلب لا الاستقرار ولا محاربة الإرهاب، بل أفرز أنماطاً جديدة من التطرف والفساد والحروب الطويلة.

في مثل هذا المشهد، يضمن إدراج الحرس الثوري في قوائم الإرهاب إعادة توجيه البوصلة نحو الجهة الصحيحة.

فبدلاً من تعريف مبهم لـ الإرهاب” قد يطال شعوباً أو طوائف بأكملها، يجري تحديد المسؤولية بدقة في بنية محددة تقوم بالتخطيط والتمويل والتنفيذ لجزء كبير من العمليات الإرهابية والحروب بالوكالة.

لهذه الخطوة أيضاً دلالاتها السياسية: فبمجرد إدراج الحرس على قوائم الإرهاب، تصبح أي شراكة أمنية أو عسكرية أو اقتصادية معه مكلفة سياسياً وقانونياً للحكومات والشركات.

وعملياً، يوجّه هذا الإدراج ضربة مباشرة لقدرات الحرس المالية واللوجستية. فشبكات الشركات الواجهة، والبنوك، والوسطاء التجاريين الذين موّلوا حتى اليوم حروب الوكالة والقمع الداخلي تحت لافتة النشاط الاقتصادي”، سيخضعون لمراقبة وضغوط متزايدة. هذا النوع من الضغط لا يستهدف حياة الناس العاديين، بل يطال شرايين التمويل الأساسية لجهاز القمع، تلك الشرايين التي ظلت حتى الآن تحتمي بعنوان مؤسسة رسمية حكومية”.

على المستوى الإستراتيجي، يتحدى إدراج الحرس على قوائم الإرهاب سياسة المساومة التي سادت لسنوات.

فقد ساد وهمٌ مفاده أن الاعتماد على هذا الكيان يمكن أن يوفّر استقراراً” مصطنعاً في المنطقة، أو أنه يمكن توظيفه كشريك في مكافحة الإرهاب”.

لكن التجربة أثبتت أنه حيثما دخل الحرس، لم يتراجع الإرهاب ولم يزدَد الاستقرار، بل ظهرت طبقات جديدة من العنف والتطرّف والدمار.

إن الاعتراف بالحرس كمنظمة إرهابية هو إعلان لنهاية هذا الوهم وبداية نظرة واقعية إلى مصدر الأزمة الأساسي.

وأخيراً، من زاوية مستقبل إيران والمنطقة، يمكن أن يمهّد إدراج الحرس الثوري في قوائم الإرهاب الطريق أمام نشوء نظام إقليمي جديد، تُعرَّف فيه الأمن والاستقرار بعيداً عن الميليشيات العابرة للحدود والقمع الداخلي، وعلى أساس سيادة الشعوب والعلاقات المتكافئة بين الدول واحترام الحدود. في مثل هذا الإطار، يصبح إدراج الحرس الثوري أداة محورية لتعزيز قوى التغيير داخل إيران، وفتح الطريق أمام إنهاء سياسة تصدير الإرهاب والحروب التي كلفت شعوب المنطقة ثمناً باهظاً.