تعيش محافظة إب الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، هذه الأيام على وقع كارثة بيئية وصحية صامتة تهدد حياة مئات الآلاف من السكان، بعد تفاقم ظاهرة ريّ الخضروات والفواكه بمياه الصرف الصحي في مناطق متعددة أبرزها خط ميتم، شارع الجوازات، مدينة جبلة، والمشنة، وسط تجاهل حكومي مخيف واتهامات لمسؤولين بـ"غض الطرف" عن واحدة من أخطر صور الإهمال القاتل.
ووفق شهادات طبية وشعبية متطابقة، فقد أدى هذا الاستخدام العشوائي لمياه المجاري إلى ارتفاع مقلق في معدلات الإصابة بأمراض الكلى والأورام السرطانية، في حين وصف ناشطون ما يجري بأنه "تجارة موت علنية تُباع على موائد المواطنين يومياً".
مصادر محلية أكدت أن عدداً من المزارعين في تلك المناطق يروون محاصيل البطاط والخضروات مباشرة من مجاري الصرف الصحي دون أي معالجة أو رقابة، وهو ما حوّل المزارع والأسواق إلى قنابل صحية موقوتة تُهدد سلامة الغذاء وصحة الإنسان على حد سواء.
وقال أحد الأهالي في مدينة جبلة إن الكارثة لم تعد خفية: "لم يعد هناك بيت في إب إلا وفقد أحد أفراده بسبب السرطان أو الفشل الكلوي، والأسباب واضحة أمام الجميع.. مياه المجاري والمبيدات المسرطنة التي تغزو مزارعنا دون رقيب ولا حساب".
وفي ظل هذا الوضع، يحمّل سكان مدينة جبلة الجهات الرسمية ومؤسسة المياه المسؤولية المباشرة عن تفاقم الكارثة، بعد فشل مشروع محطة معالجة مياه الصرف الصحي الذي جرى تصميمه منذ سنوات ولم يرَ النور حتى اليوم، رغم تخصيص أراضٍ له في أسفل وادي جبلة.
ويؤكد خبراء في مجال البيئة أن الحل الجذري يتمثل في إنشاء وحدة معالجة مركزية تربط شبكات الصرف الصحي من القرى والمستشفيات والمراكز الصحية بمدينة جبلة ومحيطها، بحيث يتم تصريفها بطريقة آمنة وإعادة استخدامها في الزراعة بعد المعالجة، كما هو معمول به في الدول المتقدمة.