آخر تحديث :الأحد-12 أكتوبر 2025-06:06م
قالوا عن اليمن

صندوق النقد الدولي يعود إلى اليمن وسط تحديات اقتصادية وسياسية

صندوق النقد الدولي يعود إلى اليمن وسط تحديات اقتصادية وسياسية
الأحد - 12 أكتوبر 2025 - 04:10 م بتوقيت عدن
- إرم نيوز _ عبداللاه سميح

يرى محللون اقتصاديون، أن استئناف العلاقة بين اليمن وصندوق النقد الدولي، بعد أكثر من عقد على الانقطاع، مؤشر إيجابي على العودة التدريجية لثقة المؤسسات المالية الدولية بالاقتصاد المحلي وإرادة الحكومة الشرعية في معالجة الاختلالات.


وأواخر الأسبوع الماضي، اُختتمت في العاصمة الأردنية عمّان، مشاورات الحكومة اليمنية وصندوق النقد الدولي بشأن مادته الرابعة، المعنية بتنظيم العلاقة بين المؤسسة المالية الدولية والدول الأعضاء، وتقييم أدائها المالي والاقتصادي، ومناقشة التوصيات الدولية المقترحة لتحقيق الاستقرار الكلي.


يأتي ذلك في وقت تواجه فيه الحكومة تحديات مالية خانقة، بعد تراجع إيراداتها المالية جراء هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية، وتفاقم التضخّم وارتفاع الدَّين العام إلى مستويات قياسية، وسط مساع مبذولة لتعزيز الاستقرار النقدي وكسب ثقة المانحين.


وقال رئيس الحكومة سالم بن بريك، إن مخرجات المشاورات تمثّل "خريطة طريق مهمة لتطوير السياسات المالية والنقدية، وتعزيز الشفافية والمساءلة، والعمل على ترجمتها إلى برنامج عمل تنفيذي يأخذ في الاعتبار الواقع الاقتصادي والإنساني الاستثنائي الذي يعيشه اليمن، وبما يتوافق مع القدرات والإمكانيات الحالية، وفي ضوء مسار خطة التعافي الاقتصادي".


وأكد أن استئناف المشاورات بعد 11 عامًا من الانقطاع، هو "رسالة ثقة دولية متجددة بالاقتصاد اليمني وبالإرادة الحكومية لاستعادة التعافي والاستقرار".


وأعرب بن بريك عن أمله في أن يكون ذلك "نقطة انطلاق نحو شراكة أوسع وأعمق مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية والدولية، بما يمكّن الحكومة من تنفيذ أولوياتها في الإصلاح الاقتصادي وتحسين مستوى الخدمات المعيشية".


• تقدُّم مشروط


في هذا السياق، يرى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، أن العلاقة بين اليمن والمؤسسات المالية الدولية، ظلت محدودة على مدى سنوات الحرب، "وبالتالي فإن عودتها بشكل أكثر تقدمًا يعدّ أمرًا إيجابيًّا، يمكّن الحكومة من الحصول على الاستشارات المتعلقة بالسياسات النقدية، ويدرج اقتصادها ضمن تقييم اقتصاديات الدول السنوية التي يجريها صندوق النقد الدولي".


وأضاف في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن هذا التعاون المالي مع المجتمع الدولي، "قد يتيح لليمن في المستقبل الحصول على نوع من القروض الميسّرة عبر وحدات سحب خاصة كالتي استفاد منها البلد خلال العقود السابقة".


وأكد نصر بأن ذلك مرهون في الأساس بالإصلاحات المحلية التي يُفترض أن تنفذها الحكومة في الجانب المالي والنقدي، "لأن صندوق النقد الدولي يقدم توصيات ومقترحات للدول في موضوع السياسات المالية، ويُمكن الاستفادة من تشخيصه واستشاراته بما يوائم بيئة وطبيعة اليمن".


وذكر أن المشكلات واضحة إذا ما أرادت الحكومة معالجتها، "لكن يجب أن يحدث ذلك قبل أو بالتزامن مع استئناف العلاقة بصندوق النقد الدولي، باعتبار هذه المؤسسة بوابة للحصول على التمويلات الدولية".


من جهته، أشار صندوق النقد الدولي في بيانه، إلى أن استئناف المشاورات مع اليمن، جاء بدعم من القدرة المؤسسية المُعززة وتوافر بيانات أفضل، بعد تعطّل ناتج عن النزاع الذي بدأ في العام 2014؛ ما أدى إلى "توقف ترتيب تسهيل ائتماني ممدد مدته 3 سنوات، وتعليق إعداد المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، وتعطيل وضع السياسات".


فيما أشادت رئيس بعثة الصندوق إلى اليمن، استر بيريز رويز، بما أحرزته الحكومة من تقدم في مسارات الإصلاح الاقتصادي والإداري، وبمستوى الشفافية والتعاون خلال المشاورات التي قالت إن عودتها "تحمل الكثير من المعاني المهمّة، وتعدّ لحظة تاريخية لليمن في تعزيز علاقته مع الشركاء، والحصول على المزيد من الدعم والتمويل والمساعدة".


• خطوة مهمة


ويعتقد الباحث في الشأن الاقتصادي، وفيق صالح، أن هذه الخطوة "مهمّة على طريق استعادة الثقة الدولية بالاقتصاد اليمني، وهي ضرورية للحصول على الدعم الفني والمالي وتقييم الوضع الاقتصادي للبلد، مع تقديم المشورة اللازمة لمعالجة الإخفاقات وتقديم الحلول البناءة".


وأوضح صالح في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن ذلك يشكّل فرصة لتنسيق الجهود مع المانحين والمؤسسات المالية الدولية، لوضع حلول مشتركة والاستفادة من الخبرات الدولية في عملية الإصلاحات الاقتصادية، خصوصًا تلك المتعلقة بالدعم الفني وبناء القدرات.


وباعتقاده، فإن ما يُفترض أن تحصل عليه الحكومة مقابل هذا التعاون "هو إعادة الثقة الدولية بالاقتصاد اليمني، عبر هيكلة المؤسسات والالتزام بمبادئ الحوكمة والشفافية، والتغلّب على التحديات الهيكلية".


• صبغة سياسية


من جهته، يرى المحلل الاقتصادي، محمد الجماعي، أن صندوق النقد الدولي "هو من عاد بعد أكثر من عقد، إلى أداء دوره في اليمن، في خطوة بقدر ما تُعزز الثقة الدولية في البنك المركزي، فإنها تكشف الصبغة السياسية لقرارات المؤسسة المالية الدولية".


وقال الجماعي لـ"إرم نيوز"، إن الحكومة الشرعية أنقذت سمعة البلد وعملته المحلية واقتصاده الداخلي من ميليشيا الحوثي، عبر نقل البنك المركزي من صنعاء الواقعة تحت سيطرتها، إلى عاصمة البلاد المؤقتة عدن، "لكن المؤسسات المالية الدولية عمومًا اتجهت نحو معاقبتها وتوقفت عن القيام بواجبها".


وبيّن أن اليمن شهد انقلابًا على الدولة، سيطر الحوثيون خلاله على مؤسساته بما فيها البنك المركزي اليمني بصنعاء "بينما لم تقم هذه المؤسسات المالية الدولية بدورها في إسناد البنك المركزي وتعزيز الشرعية كجزء من الإرادة الدولية التي يُفترض أن تعبّر عنها هذه المؤسسات العالمية".

إرم نيوز _ عبداللاه سميح