لم تقتصر جرائم القتل في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي على الرصاص أو السلاح الأبيض، بل تحولت القنابل اليدوية إلى أداة يومية لتصفية الحسابات والانتقام، لتطال قيادات حوثية وخصوماً محليين وحتى أسر بأكملها، في مشهد دموي يعكس الفوضى الأمنية والانهيار الاجتماعي تحت سلطة الجماعة.
في العاصمة المحتلة صنعاء، وقعت واحدة من أبشع الجرائم مؤخراً، حين أقدم عتيق سنهوب (30 عاماً) على تفجير خمس قنابل يدوية أمام منزله في قرية الدجاج بمديرية شعوب، ما أسفر عن مقتل الطفل عماد مطهر الراعي وإصابة ثمانية آخرين بينهم أطفال بجروح متفاوتة. وبعد أن دوّى الانفجار في الحي، فجر سنهوب قنبلة داخل منزله ليلقى مصرعه على الفور في حادثة هزّت الأوساط المحلية.
أما في مدينة يريم بمحافظة إب، فقد ألقى مسلحون قنبلة يدوية على منزل القاضي عبد الولي علاو، وهو شخصية قضائية موالية للجماعة الحوثية، على خلفية اتهامات له بالتحيز في قضية منظورة منذ أشهر. الانفجار الذي نُفذ عبر دراجة نارية ألحق أضراراً بالمنزل وأثار رعب الأهالي، لكنه لم يسفر عن إصابات.
وشهدت إب حوادث مشابهة، أبرزها إقدام أحمد العرماني على تفجير قنبلة أمام منزل والده في مديرية العدين، ما أدى إلى إصابة ثلاثة من أشقائه بينهم فتاة قاصر، إضافة إلى حادث مأساوي الشهر الماضي حين انفجرت قنبلة بحوزة مسلح حوثي يُدعى أسامة الذيب أثناء استقلاله دراجة نارية مع صديقه محمد الشبيبي، فقتلا معاً على الفور.
محافظة ذمار لم تكن بعيدة عن موجة الدم هذه، حيث استهدف مسلحون منزل المواطن نشوان البصير في حي الحوطة مطلع أغسطس الماضي بهجوم بالقنابل اليدوية، قبل أن يلوذوا بالفرار تاركين أضراراً مادية خلفهم. مصادر محلية أكدت أن المنفذين يتبعون قيادياً حوثياً بارزاً.
خبراء أمنيون يرون أن هذا التصاعد الخطير يعكس عجز الحوثيين عن فرض الأمن، بل إن بعض قياداتهم متورطة في تغذية الفوضى عبر دعم عصابات مسلحة وتسهيل انتشار القنابل اليدوية، التي بات الحصول عليها سهلاً في السوق السوداء الخاضعة لسيطرة نافذين تابعين للجماعة.
وبحسب هؤلاء الخبراء، فإن الظاهرة لم تعد محصورة في صراعات المجتمع، بل امتدت إلى داخل الأسر نفسها، ما يكشف حجم تفكك النسيج الاجتماعي نتيجة الحرب والانقلاب.
سكان محليون عبّروا عن مخاوفهم من استمرار هذه الجرائم، حيث قال أحد أبناء إب: «لم نعد نثق أن أبناءنا في مأمن حتى داخل المنازل. القنابل أصبحت جزءاً من خلافات أسرية، وهذا جنون لم نعهده من قبل».
الناشطون الحقوقيون يجمعون على أن انتشار القنابل اليدوية وتحولها إلى سلاح يومي في النزاعات ما هو إلا انعكاس لسياسة حوثية ممنهجة تقوم على إضعاف المجتمع وإغراقه في الفوضى، بالتوازي مع استمرار الاعتقالات والابتزاز ونهب الممتلكات.