تشهد مدينة تعز حالة غير مسبوقة من الغليان الشعبي، حيث تتواصل لليوم الثاني على التوالي فعاليات التظاهر والاعتصام، احتجاجًا على جريمة اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين، أفتهان المشهري، التي قُتلت بدم بارد ظهر الخميس برصاص مسلحين وسط المدينة، في حادثة هزت الشارع اليمني وأشعلت موجة غضب واسعة.
ومن المتوقع أن تشهد تعز، يوم غد السبت، تظاهرة جماهيرية كبرى يشارك فيها والد الشهيدة، رجل الأعمال والقنصل الفخري لدى جمهورية تركيا محمد أحمد عبدالله المشهري، الذي وصل اليوم إلى مسقط رأسه في المشاولة بمديرية المعافر جنوب تعز، لينضم إلى الحشود الشعبية وقيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات المدنية، في مشهد يتوعد بمواصلة الضغط حتى محاكمة كل المتورطين في الجريمة.
اليوم الجمعة، احتشد آلاف المتظاهرين أمام مبنى المحافظة في شارع جمال عبد الناصر، رافعين لافتات غاضبة تندد بالجريمة وتحمل السلطات المحلية والأجهزة الأمنية مسؤولية التقصير، وسط هتافات تطالب بـ إقالة قائد المحور العسكري اللواء خالد فاضل ومدير أمن المحافظة العميد منصور الأكحلي، باعتبارهما مسؤولين مباشرين عن الانفلات الأمني الذي مهّد الطريق لارتكاب الجريمة.
الناشطات والنساء كان لهن حضور لافت، حيث خرجت تظاهرة نسوية انطلقت من أمام إدارة شرطة تعز، وأخرى من جولة سنان، وصولًا إلى مقر السلطة المحلية، تأكيدًا على رفض التهاون في دم أفتهان المشهري، ومطالبةً بسرعة القبض على أفراد العصابة المسلحة التي نفذت الاغتيال.
في المقابل، صعّد موظفو وعمال صندوق النظافة والتحسين احتجاجاتهم بإغلاق شوارع رئيسية وإلقاء النفايات والمخلفات في الطرقات، إلى جانب نصب خيمة اعتصام أمام مبنى المحافظة، وإعلان إضراب مفتوح عن العمل حتى إشعار آخر، مؤكدين أن تحركهم لن يتوقف إلا بعد تقديم القتلة ومن يقف خلفهم إلى العدالة.
الجريمة، التي كشفت السلطات المحلية أن منفذيها ينتمون إلى أحد الألوية العسكرية التابعة لوزارة الدفاع، اعتُبرت من قبل أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية "طعنة غادرة تقوض مؤسسات الدولة وتفتح الباب أمام فوضى أمنية شاملة".
وتحولت ساحة ديوان عام المحافظة إلى مركز اعتصام دائم، حيث نصبت الخيام، فيما واصلت الحشود زحفها من مختلف الشوارع والأحياء، لتؤكد أن دم أفتهان لن يضيع، وأن زمن الصمت أمام الاغتيالات المنظمة في تعز قد انتهى.