بيان شرطة تعز.. إنكار للمسؤولية أم مواجهة للحقائق؟
أثار البيان الصادر عن شرطة محافظة تعز حول سلسلة حوادث الاختفاء التي شغلت الرأي العام خلال الأسابيع الماضية موجة جديدة من التساؤلات والانتقادات، بعدما حاولت الأجهزة الأمنية نفي وقوع أي اختطافات وإلقاء اللوم بشكل كامل على الأسر، متهمة أولياء الأمور بـ"ضعف الرقابة والإهمال الأسري".
ففي الوقت الذي كانت فيه الشائعات والمخاوف تعصف بالمدينة، كان المواطنون يتوقعون إجراءات جادة تطمئنهم وتكشف عن خطط أمنية لتعزيز الحماية، لكن البيان جاء أقرب إلى تبرئة الذات من أي تقصير، وتحميل المسؤولية كاملة للضحايا وذويهم، وهو ما اعتبره مراقبون "هروباً من جوهر المشكلة".
فقد أوضح العقيد جميل الصالحي، مدير البحث الجنائي، أن القضايا الأخيرة – من اختفاء الأطفال الثلاثة المتجهين إلى عدن، مروراً بقصة الفتاة (ر. أ. م)، وصولاً إلى الطفلتين جنى نجيب وريهام علي – جميعها "حالات فرار طوعي" لا علاقة لها بالاختطاف. ورغم صحة تفاصيل بعض الوقائع، إلا أن تسليط الضوء على "ضعف الرقابة الأسرية" باعتباره السبب الوحيد بدا وكأنه محاولة مكشوفة لإعفاء الشرطة من مسؤوليتها المباشرة عن الحماية والردع والرقابة الميدانية.
البيان لم يتطرق إلى حقيقة أن المدينة تعيش وضعاً أمنياً هشاً، وأن انتشار العصابات والتهديدات الأمنية يجعل أي حادثة اختفاء، سواء كانت هروباً أم اختطافاً، مدعاة للقلق. فالشرطة اكتفت بسرد نتائج التحقيقات دون أن تقدم خططاً واضحة لتعزيز دورها الأمني أو مبادرات لطمأنة الشارع الغاضب.
الأدهى من ذلك أن البيان ركّز على تحميل الأسر كامل المسؤولية، داعياً الآباء والأمهات إلى "تحمل واجباتهم الأخلاقية والشرعية"، دون أن يعترف بدور الأجهزة الأمنية في الرقابة الاستباقية والتدخل السريع أو توفير بيئة آمنة تمنع مثل هذه الظواهر من الأساس.
ويرى نشطاء حقوقيون أن مثل هذه البيانات، بدلاً من أن تخفف المخاوف، تزيد من انعدام الثقة بين المواطن والأجهزة الأمنية، خصوصاً عندما يظهر الخطاب الرسمي وكأنه مجرد محاولة لاحتواء الرأي العام وإغلاق الملف، بدلاً من معالجة جذور المشكلة عبر تطوير منظومة أمنية ومجتمعية متكاملة.