كأنما تستعيد المدينة أنفاسها وسط الركام، افتُتح اليوم السبت في مدينة تعز معرض "متحف الذاكرة"، ليس مجرد معرض فني عابر، بل شاهد حي على جرائم الحرب والحصار الذي تفرضه مليشيا الحوثي الإرهابية منذ سنوات، محوّلة حياة مئات الآلاف إلى جحيم متواصل من الحرمان والخوف.
المعرض، الذي تنظمه مؤسسات حقوقية وثقافية محلية، يأتي كصرخة مدوية توثق بالصور والفن والأرقام معاناة مدينة حُوصرت حتى أُطلق عليها اسم "سجن كبير"، حيث منعت المليشيات وصول الغذاء والدواء والوقود، واستهدفت المنازل والمستشفيات وحتى المعالم الأثرية بقصف عشوائي لا يميز بين حجر وبشر.
إبداع من رحم المعاناة:
لم يكن المعرض مجرد عرض تقليدي، بل قدّم تجربة بصرية مؤثرة تسمح للزائر أن يعيش لحظات من واقع مرير، حيث شمل مجسمات تحاكي الدمار، وصورًا فوتوغرافية صادمة تروي قصص الضحايا، وعروضاً مرئية تظهر حجم المأساة.
ومن أبرز ما لفت الانتباه لوحة فنية مصنوعة من الخيوط، أنجزتها إحدى الطالبات، نالت إعجاب الحاضرين لعمق رسالتها الإنسانية وطريقة تنفيذها المبتكرة، التي ترمز إلى كيف يحول أبناء تعز الألم إلى إبداع، واليأس إلى أمل.
كلمات تليق بالصمود:
وفي كلمة خلال الافتتاح، أشاد محمد عبد العزيز الصنوي، وكيل محافظة تعز، بالمبادرة، قائلاً: ""متحف الذاكرة" يقدم للعالم رواية مدينة حوصرت ولم تستسلم.. إنه يعبر عن صمود أبناء تعز ومعاناتهم بأبلغ صورة."
هدف التوثيق والكشف:
أكد المنظمون – ومن بينهم مكتب شؤون الحصار، مكتب الثقافة، منظمة "سام" للحقوق والحريات، ورابطة أمهات المختطفين – أن الهدف من المعرض هو "الإبقاء على الذاكرة حية تجاه جريمة مستمرة"، وأن الفن أداة قوية لكشف الحقيقة ونقل صوت الضحايا إلى العالم بطرق إبداعية تخترق الصمت الدولي وتصل إلى الضمير الإنساني.
حضور لافت ودعم واسع:
شهدت الفعالية حضوراً لافتاً من مختلف الشرائح السياسية والثقافية والأكاديمية، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، في رسالة واضحة على أن قضية تعز ليست منسية، وأن صوتها سيرتفع حتى يحقق أبناؤها العدالة التي يستحقونها.