كشف الخبير الاقتصادي اليمني البارز وحيد الفودعي، في تحليل عميق ومثير للجدل، مساء اليوم السبت، عن تفاصيل ما أسماها "الفقاعة السعرية" التي عاشها الريال اليمني خلال الأشهر الماضية، قبل أن يتدخل البنك المركزي ويُحدث تحوّلًا دراماتيكيًا في مسار سعر الصرف.
وقال الفودعي في تحليله، الصادر اليوم السبت 6 سبتمبر 2025، إن الارتفاع السريع للعملة الأجنبية حتى نهاية يوليو لم يكن قائمًا على أساس اقتصادي متين، بل جاء مدفوعًا بالمضاربة إلى جانب شح تدفقات النقد الأجنبي بعد توقف صادرات النفط. وأكد أن وصول الريال السعودي إلى 760 ريالًا يمنيًا لم يكن سوى "فقاعة سعرية"، بانتظار محفز خارجي لتنفجر.
وأشار إلى أن الإجراءات الاحترازية التي اتخذها البنك المركزي والحكومة – من بينها تشديد الرقابة على الصرافين، إغلاق المخالفين، تقنين التعامل بالنقد، وتشكيل لجنة للاستيراد – مثّلت "الدبوس" الذي فجّر تلك الفقاعة، لتنهار الأسعار سريعًا إلى (425–428) ريالًا مقابل الريال السعودي، وهو النطاق الذي ثبّته البنك المركزي كحد رسمي، منهياً بذلك حقبة طويلة من "التعويم الحر".
وأوضح الفودعي أن هذا الانهيار المفاجئ ولّد موجة تفاؤل شعبي وأكسب الحكومة والبنك مكاسب سياسية، لكنه في المقابل ألحق أضرارًا كبيرة بشريحة واسعة من المجتمع قد تصل إلى نصف السكان، وفي مقدمتهم المغتربون، كما انعكس سلبًا على الإيرادات الحكومية بالعملة المحلية.
وأضاف أن النطاق الجديد يمكن اعتباره قريبًا من "السعر التوازني"، لكنه يظل عرضة للتقلبات الموسمية والضغوط البنيوية على المدى الطويل، مرجحًا أن يعود السعر إلى الارتفاع التدريجي مستقبلًا ما لم تُعزز موارد النقد الأجنبي.
ولفت إلى أن ما حدث خلال ما وصفه بـ"يومي النكبة" كان نتيجة مضاربة عكسية استندت إلى شح السيولة وعوامل سياسية قادتها مليشيات الحوثي لإحراج البنك المركزي، محذرًا من أن أي محاولة لجر السوق إلى أسعار أدنى بكثير – كـ350 أو 300 – كانت ستُهدد الاستقرار النقدي برمته.
وأكد الفودعي أن استقرار سعر الصرف عند المستويات الحالية يتطلب تكاتفًا بين الحكومة والبنك المركزي والمجتمع، إلى جانب إصلاحات اقتصادية حقيقية تشمل استئناف تصدير النفط أو الحصول على دعم خارجي يقوي الاحتياطيات النقدية.
وختم الخبير الاقتصادي تحليله بالإشادة بقرار البنك المركزي تحويل مشتريات البنوك والصرافين خلال يومي الاضطراب إلى خزائنه مباشرة، معتبرًا ذلك "قرارًا حكيمًا" حال دون تحقيق مكاسب غير شرعية للمضاربين، وإن كان مؤلمًا لمن اضطر من المواطنين للبيع تحت ضغط الحاجة.