آخر تحديث :الجمعة-22 أغسطس 2025-12:24ص
قالوا عن اليمن

وسطاء مرتبطين بالحوثيين يبتزون أسر معتقلين

وسطاء مرتبطين بالحوثيين يبتزون أسر معتقلين
الأربعاء - 20 أغسطس 2025 - 04:46 م بتوقيت عدن
- عدن، نافذة اليمن- الشرق الأوسط:

بينما تواصل أجهزة الحوثيين الاستخبارية ملاحقة من تصفهم بمعارضي سلطتها في محافظة إب، اتهم ناشطون حقوقيون يمنيون وسطاء محليين مرتبطين بالحوثيين بابتزاز أسر المعتقلين.


هذا الارتباط نابع من ادعاء أولئك الوسطاء امتلاكهم القدرة على معرفة أماكن المعتقلين والتوسط لإطلاق سراحهم مقابل مبالغ مالية باهظة.


ويرى ناشطون في إب؛ المحافظة الواقعة على بعد 193 كيلومتراً جنوب صنعاء، أن ما يُعرف بـ"جهاز مخابرات الشرطة"، الذي يقوده علي الحوثي نجل مؤسس الجماعة حسين الحوثي، يواصل منذ أشهر حملة ملاحقة ورصد بحق ناشطين وإعلاميين وشخصيات اجتماعية معارضة، إلى جانب استدعاءات متكررة لعدد من الناشطين على مواقع التواصل، وتحذيرهم من تغطية الغارات الإسرائيلية التي طالت مناطق سيطرة الحوثيين.


ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن مسؤولي الجهاز شددوا على النشطاء والإعلاميين ضرورة الالتزام بما يُنشر عبر وسائل إعلام الجماعة، مع التركيز على الدعاية التي تزعم مواجهة إسرائيل وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة، إضافة إلى الترويج للاحتفالات بالمولد النبوي، بدلاً من تغطية آثار الغارات أو انتقاد سياسات الجماعة، مع التحذير بأن أي خروج عن هذه التعليمات يُعدّ "خيانة" تصب في خدمة "الأعداء الأميركيين والإسرائيليين".


وتضيف المصادر أن عشرات العائلات التي اختُطف أبناؤها خلال الأشهر الثلاثة الماضية تواجه ابتزازاً ممنهجاً من خلال سماسرة محليين يدّعون قدرتهم على معرفة أماكن المعتقلين والتوسط للإفراج عنهم، مقابل مبالغ مالية كبيرة. وغالباً ما تقع هذه الأسر ضحية هذه الوعود الكاذبة، حيث تُسلَّم الأموال إلى السماسرة لتتقاسمها شبكات مرتبطة بمشرفين حوثيين نافذين، بينما يبقى ذوو المعتقلين في دائرة الانتظار واليأس.


استهداف ممنهج


في سياق هذه الانتهاكات، وجه معتقلون سابقون لدى الحوثيين تحذيرات صريحة إلى أسر المعتقلين بعدم الانجرار خلف هؤلاء الوسطاء، مؤكدين أن معظمهم "مجرد لصوص يقتاتون على معاناة الأسر"، وأنهم لا يعرفون حتى أماكن السجون السرية.


واستشهد هؤلاء بتجارب شخصية مريرة دفعت فيها عائلاتهم أثماناً باهظة دون أن تحقق أي نتيجة، ليظل المعتقلون خلف القضبان وتظل أسرهم غارقة في الخسارة والندم.


ويرى الكاتب صالح الطاهري أن ما يحدث في إب لا يقتصر على مجرد حملة اعتقالات، بل هو مشروع منظم لإفراغ المحافظة من نخبها الأكاديمية والفكرية والطبية. فالميليشيا - وفق تعبيره - "لم تكتف بتكميم الأفواه، بل اتجهت إلى تأميم العقول، واستبدال الخرافة بالتنوير، والدعاية بالتعليم، والخوف بالوعي".


وانتقد الطاهري صمت النشطاء والإعلاميين والوجهاء المحليين، وهم يشاهدون اقتياد الشخصيات العلمية والاجتماعية من منازلهم أمام أطفالهم، واقتحام المدارس، وتفتيش المنازل، ومصادرة الكتب والهواتف.


وأضاف أن إب تحولت إلى "مختبر واسع لتجريب أدوات القمع وهندسة الخوف والترهيب الجماعي"، في ظل غياب أي تغطية حقوقية وإعلامية جادة قادرة على كسر الحصار المفروض على المحافظة".


رسائل الأبناء

مع تصاعد حملات الاعتقال الحوثية، لجأ أبناء المعتقلين إلى كتابة رسائل مؤثرة لذويهم عبر وسائل الإعلام، على غرار ما صنعه خالد النجار، الذي وجّه رسالة إلى والده المعتقل قال فيها: "غيابك جرح لا يلتئم، وأيامنا بدونك ثقيلة بلا طعم. ننتظر صوتك وابتسامتك التي كانت تملأ البيت دفئاً. رغم غيابك القسري، حضورك لا يفارق أرواحنا".


أما عبد الرحمن الحطباني فكتب: "كل يوم يمر أشعر أن جزءاً من قلبي مفقود. والدي كان ملاذي وملجئي قبل أن يُغيَّب قسراً. لكن صورتك لا تفارق ذاكرتي، ودفء كلماتك ما زال يسكننا. اختطفوك، لكنهم لم يستطيعوا أن يختطفوا مكانتك في قلوبنا".


من جهتها، كتبت الشابة سهام العباب رسالة إلى والدها المعتقل، عبّرت فيها عن حجم المعاناة قائلة: "أبي ربّاني على المبادئ والإيمان بالله، وعلّمني ألا أستسلم ولا أتنازل عن كرامتي مهما كان الثمن. اليوم أنت خلف القضبان بلا ذنب، ونحن بلا سند. سأبقى قوية كالجبل، صامدة من أجلك، فخورة بك أمام الدنيا كلها".


انتقادات حقوقية


في سياق متصل، شنّ المحامي والوسيط المحلي المعروف عبد الله شداد هجوماً لاذعاً على عبد القادر المرتضى، رئيس لجنة شؤون الأسرى لدى الحوثيين، متهماً إياه باستخدام "التهديد والوعيد" بحق المعتقلين، بل والتهديد بإعدامهم، في تصعيد وصفه بـ"غير الأخلاقي" و"المنحدر الخطر" في أسلوب التعامل مع ملف المعتقلين.


وعبر منشور في صفحته على "فيسبوك"، قال شداد إن لجوء مسؤول بهذا المستوى إلى التهديد بالإعدام ضد معتقلين يقبعون في السجون منذ نحو 10 سنوات يكشف عن "سقوط أخلاقي" وانعدام الأهلية لتحمّل مسؤولية هذا الملف.


وأوضح أن استمرار مثل هذه الممارسات لا يؤدي إلا إلى تعقيد الملف ودفع الأطراف الأخرى إلى التعامل بالمثل.


وطالب شداد قيادة الجماعة في صنعاء وصعدة بمراجعة أداء لجنة الأسرى وإيقاف تجاوزاتها، محذراً بأن استمرار الوضع الحالي سيزيد معاناة الأسرى والمعتقلين وأسرهم يوماً بعد آخر.


وذكّر بأن عبد القادر المرتضى سبق أن فُرضت عليه عقوبات دولية بتهمة التعذيب، ومع ذلك لا يزال يغلق الباب أمام أي جهود وساطة محلية، بل يذهب إلى حد تهديد الوسطاء أنفسهم بالاعتقال والاعتداء.


وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع تصاعد وتيرة الاعتقالات في إب، خصوصاً مع اقتراب الذكرى السنوية لـ"ثورة 26 سبتمبر (أيلول)"، التي تُعدّ رمزاً لمقاومة الحكم الإمامي الذي يستعيد الحوثيون نهجه.


ويجمع ناشطون وحقوقيون على أن ما تشهده المحافظة ليس مجرد تجاوزات فردية، بل سياسة متعمدة تهدف إلى نشر الخوف، وتفكيك المجتمع، وإخضاع السكان لهيمنة الجماعة.