في خطوة وُصفت بـ"المفاجئة" و"التاريخية" في آن واحد، أعلن رئيس الحكومة ورئيس المجلس الأعلى للجامعات، الدكتور سالم بن بريك، عن قرار حكومي جديد يقضي بتوحيد الرسوم الدراسية السنوية في جميع الجامعات الحكومية اليمنية، ابتداءً من العام الدراسي 2025/2026، في خطوة تهدف إلى إنهاء الفوضى في سياسات الرسوم الجامعية، وتخفيف الأعباء المالية عن كاهل آلاف الطلاب وأسرهم.
القرار الذي حمل الرقم (18) لسنة 2025، جاء بناءً على توصيات اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة أوعية الرسوم، برئاسة وزير التعليم العالي، ليضع حداً للتفاوت الكبير بين الجامعات الحكومية في الرسوم الدراسية، سواء لطلاب التعليم العام أو النفقة الخاصة أو برامج الدراسات العليا.
وشددت الحكومة في قرارها على منع الجامعات من فرض أي رسوم إضافية أو استحداث أخرى خارج الإطار الموحد، كما حظرت تحصيل الرسوم من الطلاب اليمنيين بالعملات الأجنبية، في وقت كانت شكاوى الطلاب تتصاعد من اضطرار بعض الجامعات إلى إلزامهم بالدفع بالدولار أو الريال السعودي.
كما ألزم القرار الجامعات بنشر الرسوم المعتمدة بطرق رسمية وشفافة عبر مواقعها الإلكترونية ولوحات الإعلانات الداخلية، إضافة إلى تقديم كشوفات معتمدة لوزارة التعليم العالي خلال أسبوع واحد من صدور القرار. وستتولى الوزارة متابعة التنفيذ بدقة ورفع تقارير دورية إلى مجلس الوزراء لضمان الالتزام الكامل.
وتضمن القرار إجراءات رقابية جديدة تستهدف الجامعات الخاصة والأهلية، عبر منعها من فرض رسوم على الطلاب اليمنيين بالعملة الأجنبية، مع منح رؤساء الجامعات صلاحية تقديم إعفاءات كاملة أو جزئية من رسوم النفقة الخاصة أو الدراسات العليا للطلاب المتميزين أكاديميًا أو من ذوي الظروف الإنسانية والاجتماعية الصعبة، بما يضمن عدم حرمان أي طالب من حقه في مواصلة التعليم الجامعي.
لاقى القرار الحكومي ترحيبًا واسعًا في أوساط الطلاب وأسرهم، حيث اعتبر كثيرون أنه خطوة عملية نحو تحقيق العدالة التعليمية وتخفيف الأعباء المالية التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة نتيجة انهيار العملة الوطنية وغياب الرقابة على سياسات الجامعات.
وأكد طلاب من جامعات حضرموت وعدن وتعز أن القرار "أعاد الأمل" في إمكانية الوصول إلى تعليم جامعي أكثر عدالة وإنصافًا، بعد أن أصبح التعليم بالنسبة للبعض "ترفًا" لا يمكن تحمله بسبب الرسوم الباهظة.
وأوضحت الحكومة أن توحيد الرسوم هو تدبير مؤقت، سيُراجع عند تحسن سعر صرف العملة الوطنية أو إذا اقتضت الظروف الاقتصادية ذلك، مشيرة إلى أن أي تعديل مستقبلي سيتم وفق توجيهات رئيس الوزراء وبناءً على طلب من وزير التعليم العالي.
ويرى مراقبون أن القرار يمثل محطة مفصلية في إصلاح التعليم العالي في اليمن، ليس فقط من زاوية تخفيف الأعباء على الطلاب، وإنما أيضًا لضبط الفوضى التي ظلت الجامعات تعمل في ظلها سنوات طويلة، وسط اتهامات متكررة بإساءة استخدام الرسوم وعدم وجود معايير موحدة.
وبينما يُنتظر التطبيق الفعلي للقرار مع بداية العام الجامعي القادم، يتوقع خبراء التعليم أن ينعكس هذا التوجه إيجابًا على ثقة المجتمع بالمنظومة التعليمية الحكومية، ويعيد الأمل لجيل كامل بأن التعليم ما يزال حقًا مكفولًا للجميع، لا امتيازًا للنخبة وحدها.