تمكنت قبيلتا أرحب ونهم في شمال صنعاء من إخماد نار حرب طاحنة كادت أن تشتعل بينهما خلال الأيام الماضية، في تطور يُظهر قدرة القبائل اليمنية على حل نزاعاتها بالحكمة والعرف القبلي، رغم محاولات خارجية لـ"إذكاء الصراع". وجاءت المصالحة بعد اتهامات واضحة لميليشيا الحوثي بالوقوف خلف تصعيد الأزمة عبر دعم طرف ضد الآخر، في إطار سياسة الجماعة المعتمدة على "فرق تسد" لإضعاف النسيج الاجتماعي.
اندلعت المواجهات بين القبيلتين خلال الأسبوع المنصرم بعد خلافات متصاعدة، تحولت إلى اشتباكات مسلحة أسفرت عن سقوط ضحايا من الجانبين. وتداول ناشطون محليون معلومات عن تدخل عناصر موالية للحوثي لتأجيج الصراع، عبر تزويد أحد الأطراف بالسلاح أو التحريض المباشر، على غرار ما حدث سابقًا في نزاعات قبلية أخرى كـالعصيمات وحرف سفيان في عمران.
وقدم مشايخ ووجاهات أرحب تحكيمًا رسميًا إلى قبيلة نهم في مطرحها القبلي، وذلك بعد يوم واحد من قيام نهم بتحكيم أرحب، في إشارة إلى رغبة الطرفين في تجاوز الأزمة. كما أعلن الجانبان رسميًا إنهاء الخلاف ووقف أي أعمال عدائية، مع التأكيد على حل أي نزاعات مستقبلية بالطرق العرفية والقانونية. وبرز دور المشايخ والوسطاء من القبائل المجاورة في كبح جماح التصعيد، خاصة مع تزايد المخاوف من تحول النزاع إلى حرب مفتوحة تستنزف الطرفين.
اتهمت مصادر قبلية وسياسية ميليشيا الحوثي بالسعي المتعمد إلى إشعال الفتن الداخلية بين القبائل لصرف أنظارها عن معارضة سياسات الجماعة، وإضعاف التحالفات القبلية التي قد تشكل تهديدًا لنفوذها في الشمال، وخلق بيئة من الفوضى لتبرير وجودها الأمني والعسكري في المناطق المتنازع عليها.
تمثل هذه المصالحة انتصارًا للعقلانية القبلية في مواجهة سياسات التقسيم، لكنها تطرح تساؤلات حول مدى قدرة القبائل على الحفاظ على تماسكها أمام استهداف الحوثي المتكرر، ودور المجتمع الدولي في فضح سياسات الجماعة الإقصائية، وإمكانية تحول العرف القبلي إلى آلية دائمة لحل النزاعات بعيدًا عن العنف.