في ظل تصاعد القمع في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، برز الدور المخابراتي والأمني المتعاظم لـ علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة الراحل حسين بدر الدين الحوثي، والذي بات يشرف على أجهزة أمنية متعددة، بما في ذلك وزارة الخارجية في الحكومة الانقلابية غير المعترف بها دولياً، وفقاً لمصادر أمنية وسياسية في صنعاء.
كشفت مصادر متطابقة لـ"الشرق الأوسط" أن علي حسين الحوثي، الذي مُنح رتبة لواء في الأمن، أسس جهازاً مخابراتياً خاصاً به تحت مسمى "جهاز مخابرات الشرطة"، وهو ما منحه نفوذاً طاغياً تجاوز حتى "جهاز الأمن والمخابرات" التقليدي الذي يديره القيادي الحوثي عبد الحكيم الخيواني.
وتمكن الابن، المدعوم بشكل كامل من عمه عبد الملك الحوثي (زعيم الجماعة الفعلي)، من تحويل هذا الجهاز إلى أداة قمعية رئيسية، حيث أشرف العام الماضي على أوسع حملة اعتقالات في صفوف أنصار حزب "المؤتمر الشعبي" الذي أسسه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
وفقاً للمصادر، فإن علي حسين الحوثي يدير حالياً سجوناً موازية غير خاضعة للمراقبة، ويشرف بشكل مباشر على حملة اعتقالات طالت مؤخراً أكثر من 130 شخصاً بينهم: معلمون (خاصة من منتسبي حزب "الإصلاح" سابقاً). أطباء وأكاديميون.رؤساء جمعيات خيرية وموظفو بنوك.
وتؤكد مصادر حقوقية أن هؤلاء المعتقلين محرمون من الزيارات أو المحامين، فيما ترفض الميليشيا الكشف عن التهم الموجهة إليهم.
كشفت إشراق المقطري، عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، أن محافظة إب (جنوب صنعاء) وحدها شهدت اعتقال 90 شخصاً خلال الأشهر الثلاثة الماضية، خاصة في مناطق: الريف الغربي (الحزم، السدة، المشنة).العدين، مذيخرة، النادرة، القفر.
وأشارت المقطري إلى أن هذه الاعتقالات تأتي ضمن سياسة "خنق الحريات" التي تنفذها الميليشيا، والتي تشمل أيضاً: إغلاق المساجد التي ترفض ترديد الشعارات الطائفية. فرض جبايات مالية على السكان. ملاحقة أي نشاط مدني أو ثقافي.
وتربط مصادر سياسية الحملة القمعية الحالية بمخاوف الحوثيين من إحياء ذكرى ثورة 26 سبتمبر (1962)، التي أطاحت بنظام الإمامة (أسلاف الحوثيين تاريخياً). حيث قام جهاز "مخابرات الشرطة" بتوسيع الاعتقالات كإجراء وقائي، وهدد أي جهة تُحاول الاحتفال بهذه المناسبة بتهمة "الخيانة" و"التبعية لأمريكا وإسرائيل".
أصدرت الميليشيا تحذيراً صريحاً لبقايا حزب "المؤتمر الشعبي العام" في مناطق سيطرتها، بمنعهم من الاحتفال بذكرى تأسيس الحزب في 24 أغسطس الجاري، فيما تواصل ملاحقة نشطاء "الإصلاح" ومصادرة ممتلكاتهم.
يُظهر صعود علي حسين الحوثي تحول الجماعة إلى نظام أمني وراثي، يعتمد على: قمع أي معارضة حتى داخل صفوفها. تصفية النخب التعليمية والاقتصادية. إحكام السيطرة عبر أجهزة مخابراتية موازية.
في الوقت الذي يتجاهل فيه المجتمع الدولي تصاعد الانتهاكات، يُجبر اليمنيون على العيش تحت وطأة دولة مخابراتية تُحكم قبضتها بقوة الحديد والنار.