آخر تحديث :الجمعة-08 أغسطس 2025-02:02ص
اخبار وتقارير

دكاكين تعز تتحوّل إلى صيدليات قاتلة وسط غيبوبة رقابية وصرخات ضحايا لا تجد من يسمعها

دكاكين تعز تتحوّل إلى صيدليات قاتلة وسط غيبوبة رقابية وصرخات ضحايا لا تجد من يسمعها
الجمعة - 08 أغسطس 2025 - 02:06 ص بتوقيت عدن
- نافذة اليمن - محرم الحاج

وسط فوضى الانفلات الصحي وتجاهل الجهات المعنية، تحوّلت العشرات من البقالات ومحلات المواد الغذائية في مدينة تعز إلى صيدليات شعبية تبيع الأدوية على الأرصفة، وتقدم "الوصفات العلاجية" دون طبيب أو وصفة، في ظاهرة تنذر بكارثة صحية تهدد حياة المواطنين، لا سيما الأطفال والحوامل وكبار السن.

خلال جولة ميدانية كشفت مصادر محلية عن انتشار واسع لبيع الأدوية في بقالات تعز، حيث تعرض على الرفوف أقراص المضادات الحيوية، وحبوب الزنتاك وفوارات المسالك البولية، والمراهم، وحتى المنشطات الجنسية، وسط إقبال واسع من المواطنين نتيجة لغياب الرقابة وارتفاع أسعار الصيدليات.

ويقول أحد أصحاب البقالات في حي صينة إنه يبيع الأدوية بكافة أنواعها من باعة متجولين يحملون الأدوية في أكياس على ظهورهم، موضحًا أن الإقبال يتزايد في مواسم الحُميات وموجات البرد، مضيفًا ببرود: "الناس تطلب، ونحن نوفر".

ضحايا هذه التجارة العشوائية كُثر، والقصص أكثر مرارة من بعضها. المواطنة "أم ليان" قالت إن والدها، المصاب بمرض القلب والضغط، توفي بعد تناوله حبوبًا منشّطة اشتراها من بقالة في الحي أوصاه بها صديق لتقوية نشاطه، فكانت سببًا في وفاته خلال ساعة واحدة.

وفي مأساة أخرى، توفي الطفل "معتز"، عامان فقط، بعد أن أعطته والدته فوار "سولبافين" من إحدى البقالات لتخفيض حرارته، لكن المهدئات أتلفت أجزاء كبيرة من دماغه وفارق الحياة بعد أيام في العناية المركزة.

الطفلة "تيماء" (7 سنوات) عانت هي الأخرى من ضمور دماغي دائم، بعد تناول خلطات زكام عشوائية تتكون من ديكلوفين وسلبادين وفيتامين سي، في ظنٍّ من أهلها أنها "وصفة مضمونة".

و يقول أحد الصيادلة، رفض الكشف عن اسمه، إن بيع الأدوية العشوائي من قبل البقالات يشكل خطرًا فادحًا، مؤكدًا أن بعض الأدوية، مثل مهدئات الزكام، تساهم في هبوط الصفائح الدموية، ما قد يؤدي للوفاة، خصوصًا مع مرضى حمى الضنك.

الصيدلي عبد الفتاح وصف هذه الممارسة بـ"العشوائية القاتلة"، محذرًا من مضاعفات خطيرة على صحة المرضى. أما الصيدلي ضياء، فطالب بمحاسبة كل من يبيع الأدوية خارج الصيدليات، محذرًا من تعاطي الأدوية دون معرفة دقيقة بالجرعة أو الحالة الصحية للمريض.

الدكتور فؤاد، وهو طبيب عام في تعز، وصف بيع الأدوية في البقالات بأنه "جريمة كبرى" لا تقل خطرًا عن أي شكل من أشكال القتل غير المباشر، قائلاً: "إذا كنت أعترض على صرف الأدوية من صيدلي غير مؤهل، فكيف أقبل أن يتحوّل بائع الزيت والدقيق إلى طبيب؟".

وأشار إلى أن بعض الأدوية المسكنة مثل "البروفينيد" قد تودي بحياة مريض لديه قرحة في المعدة، فضلًا عن المهدئات الفوارة التي تحتوي على "كودايين"، وهي مادة تسبب الإدمان، وتشكل خطرًا على الحوامل والأطفال والمرضى.

وأكدت مصادر صحفية أن هذا التحقيق الاستقصائي سيتبعه ملف شامل حول "الفساد الدوائي" في تعز، بما في ذلك انتشار الأدوية المهربة والمزوّرة ومخاطرها القاتلة، في ظل استمرار صمت الجهات الرقابية وكأنها شريكة في الجريمة.