كشفت دفعة من المعلومات الاستخباراتية حصلت عليها المعارضة الإيرانية عن الهيكل القيادي المفصل الذي يُدير العمليات الإرهابية للنظام الإيراني في الخارج، مما يُورّط أعلى سلطة في طهران — المرشد الأعلى علي خامنئي — في سلسلة مؤامرات وهجمات تمتد عبر أوروبا والولايات المتحدة.
وأُعلن عن هذه المفاجآت في مؤتمر صحفي عقده مكتب واشنطن للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وذلك بعد أيام فقط من إدانة مشتركة من 14 حكومة أوروبية وأمريكية لأعمال الإرهاب العابر للحدود التي يشنّها النظام، محذّرة من "تصعيد غير مسبوق" في المؤامرات المدعومة من النظام التي تستهدف المنفيين الرسميين والمسؤولين الغربيين.
خريطة الهجمات الإرهابية التي تستهدف المقاومة الإيرانية – منذ عام 2018
تُظهر هذه الخريطة سلسلة من الهجمات والمؤامرات الإرهابية التي نُفّذت أو أُحبطت ضد أعضاء وأنصار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) في أوروبا والولايات المتحدة، بدءًا من عام 2018 وحتى عام 2024، والتي تقف وراءها أجهزة مخابرات النظام الإيراني ووكلاؤه الإجراميون.
في قلب هذه الآلة السرية للنظام، يقف علي خامنئي شخصيًّا على رأس سلسلة من الأوامر: إذ يتولى تعيين رؤساء أجهزة المخابرات، ويعطي الموافقة النهائية للعمليات الإرهابية الرفيعة المستوى. وقد صدرت تهديدات ضد كبار المسؤولين الغربيين عبر مواقع مرتبطة بمكتبه، ما يعكس الدور المباشر لرجال الدين الحاكمين في طهران في تنظيم العنف في الخارج.
وفي صميم هذه العملية توجد جهة غامضة تُعرف بـ "مقر قاسم سليماني"، والذي يحمل اسمه تيمّناً بقائد فيلق القدس الارهابي. يتبع هذا المقر لوزارة الاستخبارات الإيرانية، ويقوده نائب الوزير السيد يحيى الحسيني بنجكي (المعروف أيضًا بالسيد يحيى حميدي)، حيث يُنسّق العمليات بين وزارة الاستخبارات، ومنظمة استخبارات الحرس الثوري، وقوات القدس، باستخدام شبكة من السفارات و"الدبلوماسيين الإرهابيين" كمراكز تشغيلية.
وتشير مصادر استخباراتية أمريكية وأوروبية إلى أن "مقر سليماني" لا يُرسل فقط عناصر إيرانية، بل يتعاقد أيضًا مع عصابات الجريمة المنظمة — أبرزها ما يُطلق عليه "المافيا المغربية" والمافيا الكبرى — المرتبطة بتهريب المخدرات وعمليات القتل بالتكليف، لتنفيذ هجمات مع إمكانية الإنكار المعقول.
وتؤكد التحقيقات الإسبانية أن محاولة اغتيال أليخو فيدال كوادراس، نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق والداعم البارز للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في نوفمبر 2023، قد نُفّذت بأمر من هذا الهيكل القيادي نفسه. وقد نفّذ الهجوم عصابة إجرامية مرتبطة مباشرة بكل من فيلق القدس ووزارة الاستخبارات، برئاسة زعيم العصابة الهارب سامي بكال بونواري — الذي يُفترض أنه يتلقى الحماية في إيران حاليًا.
وبالمثل، كان الانفجار الفاشل في تجمع "إيران الحرة" (NCRI) في مدينة فيليبنت بالقرب من باريس عام 2018 نتيجة توجيه من مسؤول رفيع في وزارة الاستخبارات الإيرانية، رضا أميري مقدم. وقد حكم على القائد الميداني، الدبلوماسي المقيم في فيينا أسد الله أسدي، بالسجن لمدة 20 عامًا لنقله مواد تفجيرية إلى أوروبا وتسليمها لخلايا نائمة. وقد تبين أن كلًا من أسدي ومشرفيه في وزارة الاستخبارات كانوا ينفذون أوامر مباشرة من طهران، بالتنسيق مع قوات القدس.
كما تُبرز المؤامرات الأخرى، كالهجوم الإرهابي المفشل ضد احتفال نوروز لـ "مجاهدي خلق" في تيرانا بألبانيا عام 2018، اعتمادية النظام على شبكات الجريمة البلقانية والتركية، واستخدامه الدبلوماسيين كمنسقين سريين.
وكشف وثيقة مُسرَّبة مدرجة أسماء كبار المسؤولين في الوزارة، بينهم:
•السيد يحيى الحسيني بنجكي (حميدي): نائب وزير الاستخبارات ورئيس مديرية مكافحة الإرهاب، المُبَرَّم كقائد لمؤامرات إرهابية في الولايات المتحدة وأوروبا من قبل الـ FBI.
•حسين صفدري: رئيس منظمة الاستخبارات الخارجية، ويشرف على محطات استخباراتية ضمن سفارات إيران حول العالم.
•رضا أميري مقدم: السفير الإيراني الحالي في باكستان وعميل رفيع المستوى في الوزارة، وهو ضمن قائمة المطلوبين لدى FBI لدوره في اختطاف العميل السابق لـ FBI روبرت ليفنسون، وتنسيقه عدة مؤامرات إرهابية في أوروبا.
يدير هؤلاء المسؤولون، بدعم شبكة من نواب الاستخبارات واللوجستيات والقرصنة والأمن المضاد، عمليات تدمج بين التجسس والإرهاب والجريمة المنظمة.
وقد دفع اتساع ووقاحة الإرهاب الخارجي للنظام الأصوات الدولية إلى الدعوة لتنسيق عاجل للرد عليه. وتطالب المعارضة الإيرانية بـ:
1.إغلاق جميع السفارات والمهمات الدبلوماسية والمراكز الثقافية والدينية التابعة للنظام الإيراني في أوروبا وأمريكا الشمالية.
2.تصنيف وزارة الاستخبارات والامن الوطني (MOIS) والحرس الثوري (IRGC) كمنظمات إرهابية في كل الدول الديمقراطية.
3.محاكمة طرد عملاء، وعناصر النظام، واللوبيات غير الرسمية التي تسهل أنشطة طهران الخفية.
4.فرض عقوبات من الأمم المتحدة والدول الوطنية على إيران بصفتها الراعِيَة الرئيسية للإرهاب، واستهداف المرشد الأعلى مباشرة.
وقد توسّع نطاق إرهاب النظام بالتوازي مع تزايد هشاشته داخليًا وضعف وكلائه الإقليميين. وسبق أن دعا الإعلام الرسمي ورجال دين النظام إلى اغتيال قيادات غربية، بما في ذلك فتوى مؤخراً ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جرى تجديدها من أكثر من 2000 رجل دين إيراني في الأول من أغسطس.
وتشمل قوائم السوداء الإيرانية الآن عشرات المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين، بمن فيهم وزراء خارجية سابقون وقادة الناتو ودعاة التغيير.
وفي 15 يوليو، أضاف مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي ثلاثة مسؤولين استخباراتيين إيرانيين — رضا أميري مقدم، تقي دانشور، وغلام حسین محمدنيا — إلى قائمة "الأكثر طلبًا" لدورهم في اختطاف المحتمل وفاة العميل السابق روبرت ليفنسون الذي اختفى في إيران عام 2007. ويُذكر أن محمدنيا، الذي كان يعمل سفيرًا لإيران في ألبانيا ودبلوماسيًا في الأمم المتحدة، طرد لاحقًا بسبب أنشطة إرهابية.
إن فضح الهيكل الإرهابي الخارجي للنظام الإيراني يرسم صورة قاتمة لحملة العنف والترهيب المستمرة التي يقودها من أعلى هرم السلطة، مستهدفة القضاء على المعارضين وزرع الخوف عبر أوروبا وأمريكا الشمالية. وتواجه الحكومات الغربية الآن ضغطًا متزايدًا لتفكيك هذه الشبكة، والحد من مدى طهران، وتقديم المسؤولين إلى العدالة.
تابع وقائع الکامل للمؤتمر:
https://x.com/i/broadcasts/1OyKALLWzMnxb