كشفت مجلة Foreign Affairs الأمريكية، في تقرير صادم ينذر بكارثة إقليمية وتهديد أمني متصاعد، عن أن مناطق سيطرة مليشيا الحوثي في اليمن تتحول تدريجيًا إلى مركز عالمي لإنتاج وتصدير مخدر الكبتاغون، مستغلة الفراغ الذي خلفه تراجع النفوذ السوري في هذه التجارة، بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأكد التقرير أن جماعة الحوثي، المعروفة باستغلالها لكل مورد غير مشروع لتمويل حربها، دخلت بقوة في سوق الكبتاغون، مستفيدة من تواطؤ شبكات تهريب، ودعم إيراني مباشر، وانفلات أمني في مناطق سيطرتها.
وأشار التقرير إلى أن السلطات اليمنية المعترف بها دوليًا صادرت خلال يوليو الماضي نحو 1.5 مليون حبة كبتاغون، كانت في طريقها إلى السعودية قادمة من مناطق الحوثيين، ما يكشف جانبًا من حجم الكارثة المتنامية.
ويُقدّر سعر الحبة الواحدة من الكبتاغون في السوق السعودي بين 6 إلى 27 دولارًا، وهو ما يعني أن الشحنة المصادرة وحدها كانت تدر أرباحًا تتراوح بين 9 و40 مليون دولار، يتم ضخها في تمويل الهجمات الحوثية ضد مصالح إقليمية ودولية، حسب المجلة.
وفي تطور وصفه التقرير بـ"الخطير"، أكدت المجلة أن الحوثيين لم يعودوا مجرد ممر لعبور المخدرات، بل دخلوا مرحلة التصنيع المحلي، إذ صرّح اللواء مطهر الشعيبي، مدير أمن العاصمة المؤقتة عدن، في يونيو الماضي، بأن الجماعة أنشأت منشأة لإنتاج الكبتاغون داخل اليمن، بالتعاون مع خبراء من النظام الإيراني.
وتزامن هذا التوسع الحوثي مع تباطؤ الجهود الأمريكية لمكافحة الكبتاغون، رغم العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على عدد من المهربين في 2023، وإطلاق استراتيجية وطنية لتفكيك شبكات المخدرات المرتبطة بسوريا ولبنان. إلا أن الحرب في غزة، التي اندلعت في أكتوبر 2023، شتّت تركيز واشنطن وأضعف الضغوط على الجماعات المتورطة.
وحذّرت المجلة من أن اليمن بات مرشحًا ليكون نقطة ارتكاز جديدة لشبكات المخدرات العالمية، في ظل وجود حدود رخوة مع السعودية، ووفرة المواد الأولية، وتوافر طرق تهريب بحرية وبرية، إلى جانب استمرار الدعم الإيراني السخي للجماعة.
وأكّد التقرير أن عائدات الكبتاغون تُستخدم في تمويل الهجمات الحوثية على إسرائيل والقواعد الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ما يحوّل هذه التجارة إلى تهديد أمني دولي لا يقل خطورة عن الإرهاب.
وختمت Foreign Affairs تقريرها بتحذير واضح: "سقوط الأسد لم ينهي تهديد الكبتاغون... بل نقل مركزه إلى اليمن، حيث تملأ جماعة مسلحة هذا الفراغ، وتحوّله إلى سلاح فتّاك عابر للحدود".