آخر تحديث :السبت-26 يوليو 2025-10:14م
اخبار وتقارير

صهريج وقود مجهول يفجّر أزمة بين القبائل والمنطقة العسكرية الأولى

صهريج وقود مجهول يفجّر أزمة بين القبائل والمنطقة العسكرية الأولى
الجمعة - 25 يوليو 2025 - 04:50 م بتوقيت عدن
- حضرموت، نافذة اليمن:

في تطور يُنذر بتصعيد خطير في وادي حضرموت، داهمت قوة تابعة للمنطقة العسكرية الأولى، نقطة العطوف القبلية الواقعة على الطريق الرابط بين الساحل والوادي في مديرية ساه، واقتادت قائد النقطة صالح التريكي الجابري وشقيقه إلى جهة مجهولة، بعد احتجازهما صهريج وقود مدعومًا لا يحمل تصاريح رسمية ضمن قافلة مخصصة لمحطات الكهرباء في الوادي.


المعلومة أوردها الإعلامي زاهر بن الشيخ أبوبكر في تصريح نشره على منصاته، مؤكدًا أن عملية الاعتقال جاءت إثر محاولة أفراد النقطة القبلية التحقق من هوية الشاحنة المشبوهة التي لم تكن مدرجة ضمن التصريح الرسمي المرافق للقافلة.


وفق شهود عيان تحدثوا للإعلام، كانت القافلة تضم تسع ناقلات وقود حاصلة على التصريح الرسمي، لكن أفراد "نقطة العطوف" اشتبهوا بوجود صهريج عاشر لم يكن ضمن القائمة، فقاموا بإنزاله للتدقيق في وجهته ووثائقه. وما لبث أن وصلت آليات عسكرية تابعة للمنطقة العسكرية الأولى، قامت بالإفراج عن الصهريج واعتقال قائد النقطة ومن معه.


الخطوة المفاجئة أثارت استياء القبائل المحلية، لا سيما قبائل آل الجابري، التي سارعت إلى التنديد بالحادثة واعتبرتها اعتداءً على دور المجتمع في حماية الموارد العامة من التلاعب والنهب، خصوصًا في ظل أزمة وقود خانقة يعيشها وادي حضرموت.


اللافت أن هذه الحادثة جاءت بعد أيام فقط من بيان علني أصدره صالح التريكي الجابري، اتهم فيه رئيس حلف قبائل حضرموت، الشيخ عمر بن حبريش العليي، بالتستر على "صفقات فساد" تتعلق بسرقة الديزل المدعوم المخصص لمحطات كهرباء الوادي.


الجابري حمّل قيادة الحلف المسؤولية الكاملة عن تدهور الخدمات الكهربائية، معتبرًا أن التلاعب بشحنات الوقود يُدار من داخل منظومة نافذة، تُمارس الفساد تحت غطاء الحماية الرسمية. وقد أثار البيان جدلًا واسعًا في الأوساط القبلية، واعتُبر أول اتهام مباشر يُوجّه من داخل الحلف نفسه لقيادته بشأن ملف حيوي وحساس.


حتى لحظة نشر هذا الخبر، لم تصدر أي توضيحات من قيادة المنطقة العسكرية الأولى ولا من السلطة المحلية حول أسباب اعتقال الجابري، أو الوجهة النهائية للصهريج المجهول الذي تم إطلاقه دون تحقيق.


في المقابل، أكدت مصادر مطلعة في مؤسسة كهرباء وادي حضرموت أن التصاريح الرسمية الصادرة للقافلة كانت تخص تسع ناقلات فقط، دون أن تشمل الصهريج الذي تم ضبطه، ما يضع علامات استفهام حول الجهة المستفيدة من الشحنة الإضافية.


قبائل آل الجابري طالبت في بيان عاجل بالإفراج الفوري عن أبنائها، داعية إلى تحقيق مستقل وشفاف في حمولة الصهريج وظروف مرافقته، كما اتهمت السلطة المحلية بإهمال الرقابة المجتمعية على توزيع الوقود المدعوم، معتبرة ما حدث محاولة "لتكميم أفواه القبائل" التي تمارس دورًا رقابيًا في غياب المؤسسات الرسمية الفاعلة.


وفي ظل أزمة خانقة في الوقود وانقطاعات كهربائية متكررة تضرب الوادي، طالب وجهاء وشخصيات اجتماعية بضرورة نشر قوائم رسمية للشحنات المدعومة، وتعزيز آليات الرقابة المجتمعية، ووقف أي تدخلات عسكرية تستهدف النقاط القبلية التي تسهم في ضبط المخالفات.


من جانبها، حذّرت منظمات مدنية من تكرار مثل هذه الحوادث، داعية إلى فصل الملف الخدمي عن التجاذبات السياسية والعسكرية، وعدم السماح بتحويل شحنات الدعم الحكومي إلى صفقات مشبوهة تخدم أطرافًا خارج القانون.


يرى مراقبون أن حادثة "صهريج ساه" تسلط الضوء على أزمة ثقة متصاعدة بين القبائل والقيادات العسكرية في وادي حضرموت، خاصة في ظل اتهامات سابقة وموثقة بتورط عناصر من المنطقة العسكرية الأولى في عمليات تهريب مشتقات، يُعتقد أنها تصل إلى مناطق سيطرة الحوثيين عبر وسطاء وسماسرة.


ويُخشى أن يُفاقم استمرار هذا النهج حالة الاحتقان المجتمعي، وسط مطالب متصاعدة بتغيير جذري في البنية العسكرية والإدارية داخل الوادي، وإخضاع كل شحنات الوقود المدعوم للرقابة الفورية والنشر العلني.