وسط تصعيد مقلق جديد يضاف إلى التهديدات الأمنية المتزايدة في البحر الأحمر، كشفت شركة "مارلينك" العالمية، المتخصصة في اتصالات الملاحة البحرية، عن موجة هجمات إلكترونية غير مسبوقة تستهدف أنظمة تحديد المواقع GPS في السفن التجارية، وسط تصاعد هجمات الحوثيين على الممرات البحرية الحيوية.
وقال تور مورتن أولسن، رئيس قطاع الملاحة في "مارلينك"، إن عدد السفن التي أبلغت عن أعطال وتشويش في أنظمتها الملاحية قفز بشكل صادم، مؤكداً أن مركز الدعم الفني التابع للشركة تلقّى في يوم واحد فقط خلال يوليو الجاري بلاغات من أكثر من 150 سفينة، مقارنة بحالة واحدة كل أسبوعين في العام الماضي.
وأوضح أولسن أن هذه الهجمات المعقدة لا تقتصر على تشويش الإشارات، بل تعيد توجيه السفن رقمياً إلى مواقع وهمية، فتظهر أحياناً وكأنها تسير بسرعات خيالية أو تدور بلا وجهة في دوائر متكررة، بل وتظهر أحيانًا على اليابسة، في تشويش وصفه بـ"الخطير للغاية".
المثير للقلق أكثر، بحسب مارلينك، أن الهجمات تطال أنظمة السلامة الحيوية مثل نظام الإنذار العالمي GMDSS، ما يعني أن السفن المتضررة قد تفقد قدرتها على إرسال نداءات استغاثة، ما يجعلها فريسة سهلة في بحرٍ بات ساحةً لهجمات من نوع آخر: غير مرئية... لكنها قاتلة.
وتأتي هذه الهجمات بالتوازي مع تصاعد الأعمال العدائية التي تنفذها المليشيا الحوثية، والتي تسعى لتحويل البحر الأحمر إلى منطقة فوضى بحرية تشمل الألغام، والطائرات المسيرة، والتشويش الإلكتروني، ما يضع الملاحة الدولية في مهب العطب.
ونبّهت الشركة السفن إلى ضرورة اعتماد أنظمة بديلة مثل "غلوناس" الروسي و"غاليليو" الأوروبي و"بيدو" الصيني للتحقق من دقة المواقع، وعدم الاعتماد الكلي على نظام GPS، مشيرة إلى أنها تطوّر حالياً حلولاً تقنية في مركزها بالنرويج لرصد مصدر الإشارة بدقة وكشف الهجمات المحتملة.
واختتم أولسن بتحذير لافت: "ما يجري في البحر الأحمر اليوم هو حرب سيبرانية صامتة... وإذا لم يتم التحرك سريعًا، فإن السفن قد تفقد بوصلتها تمامًا – في المكان والزمان".