آخر تحديث :السبت-26 يوليو 2025-01:11ص

من فتح باب البنك… وأطلق الذئاب على أموال اليمن؟

الجمعة - 25 يوليو 2025 - الساعة 01:46 ص

سمير اليوسفي
بقلم: سمير اليوسفي
- ارشيف الكاتب


في بلد نحتاج فيه إلى تأشيرة لعبور من رغيف الخبز إلى دواء القلب، تُدار الدولة بلا ميزانية، ولا حتى كذبة رسمية يمكن الاستناد إليها. ثلاثون مليون إنسان يشتغلون بالبركة، ومواقع التواصل، وبقايا الوديعة السعودية التي لم يتبق منها سوى 225 مليون دولار، والبنك المركزي لا يملك منها حتى حق تصبيرة.


البنك لا يدير المال، بل يتفرج عليه وهو يتبخر. لا لأن المال طائر بطبعه، بل لأن الأبواب مشرعة، والجيوب مفتوحة. محافظ البنك قالها بصوت واضح، بلغة شفافة أكثر من حسابات الحكومة نفسها. قال إن هناك 147 مؤسسة إيرادية تعمل كأنها دولة داخل الدولة. لا أحد يضع شيئا في الصندوق، لكن الجميع يمد يده إليه. بعض المحافظات تتصرف وكأنها سويسرا الشرق، بينما البنك المركزي في عدن بالكاد يدفع فواتير الإضاءة.


وكلهم يعرفون. من رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي إلى رئيس الحكومة، إلى البرلمان الذي تحول إلى صورة جماعية في ذاكرة الهاتف. كلهم على دراية بأن جسد اليمن يُنهب على مرأى منهم، والدم يسيل، لكن لا أحد يغير الضمادة. ولا حتى حاول أحد أن يسأل عن الجرح، أو يبحث عن العلاج. لا قرارات، لا مساءلات، فقط عيون مفتوحة على الفوضى، وأفواه مغلقة أمام الكارثة.


أما الحوثي، فلم يعد بحاجة لإرسال طائرات مسيرة. يكفيه أن يتفرج على الشرعية وهي تدك اقتصادها بمدافع الفوضى، وتترك الصرافين يعيدون تعريف الريال والدولار، بينما جثة الدولة تُسحب من غرفة إلى أخرى، بلا إسعاف، ولا حتى نعي رسمي.


الجديد؟ أن أحدهم قرر أن يطرق الباب، لا ليطلب عونا، بل ليكشف أين اختفى المفتاح… الصحفي فتحي بن لزرق حمل أسئلتنا، ودخل البنك المركزي، وعاد بتقرير تشريح غير رسمي لجثة الدولة. الناس كانت تعرف، لكنها تسمع هذه المرة من قلب المطبخ، وربما من فمه المشتعل.


نعم، الحوثي خطر. لكن الخطر الأكبر يرتدي بدلات رسمية، ويدير الدولة كما يدير تاجر مفلس دكانا على وشك الانهيار في سوق شعبي.


بن لزرق دق الجرس… لكن من سيوقظ من في قصر معاشيق؟


الصحافة أدت ما عليها. والكرة الآن في ملعب لا أحد فيه… لا لاعب، ولا حكم، ولا حتى مشجع.