بتواطؤ من مليشيا الحوثي الإرهابية، أقدمت عصابة مسلحة متخصصة في تجارة الآثار، خلال اليومين الماضيين، على عملية نبش وتخريب همجية، في موقع "العصيبية" الأثري في جبل عصام بمديرية السدة بمحافظة إب، وسط صمت مريب من سلطات الأمر الواقع التابعة للانقلابيين المسيطرين على المحافظة منذ أكثر من عقد.
وقالت مصادر محلية وباحثون في الآثار إن العصابة حفرت أربع حفر عشوائية داخل الموقع الأثري، الذي يعود تاريخه إلى الحقبة الحميرية، ويضم متحف ظفار الشهير، أحد أقدم المتاحف اليمنية وأغناها بالمقتنيات التاريخية.
وبحسب الباحث اليمني المتخصص في الآثار، عبدالله محسن، وقع تبادل لإطلاق النار بين أفراد العصابة والحراس المحليين الذين حاولوا منع الجريمة، ما يؤكد أن العصابة كانت تتحرك بثقة السلاح وربما بغطاء غير معلن. وقد تم القبض على اثنين من المشتبه بهم، وفتح ملف بالحادثة لدى الجهات الأمنية، دون صدور موقف رسمي حتى الآن من سلطات الحوثيين.
وحذّر محسن من أن هذه الجريمة ليست سوى واحدة من مئات الحوادث المماثلة التي تطال المواقع الأثرية اليمنية سنويًا، منتقدًا صمت الجهات الرسمية وتجاهلها المستمر لنهب الإرث اليمني الذي بات يُباع في مزادات عالمية ويزين قصورًا فاخرة خارج البلاد.
يُعد متحف ظفار الأثري كنزًا وطنياً حقيقيًا، يحتوي على آثار تعود لقرية ظفار وقصر ريدان ومواقع حميرية أخرى، وتمت فهرسة قطع المتحف وتنظيمها منذ عام 1972. إلا أن هذا التراث الثمين بات اليوم عرضة للضياع تحت أقدام تجار التاريخ وسماسرة الآثار، الذين تحوم حولهم شبهات ارتباط بقيادات نافذة في جماعة الحوثي.
في الوقت الذي يفترض أن تكون المواقع الأثرية محمية بقوة القانون وروح الانتماء، تتحول المحافظات غير المحررة، وفي مقدمتها إب، إلى مناجم مفتوحة لنهب الحضارة وبيعها في الخارج، وسط تواطؤ أو تغاضٍ واضح من مليشيا الحوثي.