صنّف البنك الدولي اليمن ضمن قائمة البلدان ذات الدخل المنخفض للسنة المالية 2026، في تقريره السنوي الذي يحدد تصنيفات الدخل القومي الإجمالي للفرد، إلى جانب دول أخرى تعاني من أزمات مماثلة مثل سوريا، الصومال، والسودان.
ووفقًا للتقرير الذي نُشر مؤخرًا، فقد قدّر البنك الدولي نصيب الفرد في اليمن من إجمالي الدخل القومي بـ1135 دولارًا سنويًا، ما يعكس تدهورًا حادًا في المؤشرات الاقتصادية والمعيشية في بلد تمزقه الحرب منذ أكثر من عقد.
وأشار التقرير إلى أن اليمن لا يزال أحد أشد البلدان هشاشة وفقرًا في العالم، في ظل استمرار الصراع الذي أدى إلى تعطيل تقديم الخدمات العامة، وتفكيك المؤسسات، وتآكل رأس المال البشري، مما دفع ملايين اليمنيين نحو الفقر المدقع.
وبحسب البيانات الصادرة عن البنك الدولي، يعاني أكثر من 60% من الأسر اليمنية من نقص المواد الغذائية الأساسية، إلى جانب ضعف الوصول إلى التعليم والخدمات الصحية والمالية، خاصةً في أوساط النساء وسكان المناطق الريفية.
وأوضح التقرير أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في اليمن قد تراجع بنسبة 58% منذ عام 2015، في مؤشر صارخ على عمق الأزمة الاقتصادية المتفاقمة. كما تجاوز معدل التضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا حاجز الـ30% خلال عام 2024، وسط انهيار الريال اليمني.
وتراجع سعر صرف الريال من 1540 إلى 2065 ريال للدولار في مناطق الحكومة خلال عام واحد، ليصل في السوق غير الرسمية إلى أكثر من 2700 ريال، ما أدى إلى تآكل إضافي في القوة الشرائية للأسر. في المقابل، لا يزال سعر الصرف مستقرًا نسبيًا في مناطق سيطرة الحوثيين عند حوالي 530 ريال للدولار، ما يعكس الانقسام العميق بين المؤسستين النقديتين في البلاد.
وأشار التقرير إلى أن هذا الانقسام الاقتصادي بين شمال البلاد وجنوبها، ووجود سياسات نقدية مزدوجة، يقوض الجهود الرامية إلى تنسيق السياسات العامة ويزيد من التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية.
وتساهم التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر وباب المندب، بما في ذلك وقوع أكثر من 450 حادثًا واعتداءً بحريًا خلال عام 2024، في تفاقم أزمة اليمن، عبر تعطيل سلاسل الإمداد ورفع تكاليف الشحن، مما زاد من أعباء الاقتصاد المنهك أصلًا.
ويؤكد البنك الدولي أن اليمن يشهد تدهورًا اجتماعيًا واقتصاديًا متسارعًا، حيث يعاني أكثر من ثلثي السكان من انعدام الأمن الغذائي، ويضطر كثير من المواطنين إلى اللجوء لاستراتيجيات تكيف سلبية، بما في ذلك بيع الأصول وحرمان الأطفال من التعليم.
ووفقًا لتوقعات البنك الدولي، فإن الاقتصاد اليمني مرشح للانكماش بنسبة 1.5% خلال العام المالي القادم، في حين يُتوقع أن ينخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الاسمي بنسبة 19%، وهي مؤشرات تؤكد استمرار الاتجاهات السلبية في غياب حلول مستدامة.
وتُفاقم الضغوط المالية، وتراجع دعم المانحين، ومخاطر العقوبات الدولية الوضع الاقتصادي، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث يزيد الاعتماد على المعاملات غير الرسمية والمقايضة، في ظل انعدام السيولة وتعقيدات التحويلات المالية.
ويُعد تصنيف اليمن كدولة منخفضة الدخل أكثر من مجرد مؤشر اقتصادي، إذ يؤثر بشكل مباشر على أهليتها للحصول على المساعدات الدولية والتمويل بشروط ميسرة، ما قد يفتح الباب أمام دعم إضافي من الجهات المانحة، لكن بشرط توفر بيئة مؤسسية شفافة وقابلة للإصلاح.
ويصنف البنك الدولي اقتصادات العالم سنويًا إلى أربع فئات: منخفضة الدخل، الشريحة الدنيا من متوسطي الدخل، الشريحة العليا من متوسطي الدخل، ومرتفعة الدخل، بناءً على دخل الفرد القومي. وتُحدّث هذه التصنيفات سنويًا في 1 يوليو، بالاستناد إلى بيانات العام السابق.