أثارت قضية الاعتداء على الطبيبة "طيبة" في محافظة إب، وسط اليمن، غضبًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والمجتمعية، عقب تسريب وثائق تؤكد قيام قاضٍ حوثي بالإفراج عن الضامن للمتهمين بالاعتداء عليها، رغم غيابهم عن جلسات المحكمة، وسط اتهامات للسلطة القضائية التابعة لجماعة الحوثي بمحاولة تمييع القضية والتغطية على الجناة، ومنع وسائل الإعلام من النشر حولها.
ووفقًا لوثيقة صادرة عن القاضي مصطفى الزوقري، رئيس إحدى المحاكم في مدينة إب، تم إصدار قرار بـ"إخلاء سبيل الضامن محمد عبده مهيوب صلاح" في قضية الاعتداء على الطبيبة طيبة من قبل مسلحين يتبعون القيادي الحوثي فهمي البرح، دون حضور المتهمين، مع توجيه وزارة الإعلام وهيئة الاتصالات بمنع النشر الكامل في القضية ومتابعة تنفيذ القرار.
وقد وصف ناشطون هذا الإجراء بأنه محاولة فاضحة لطمس الحقائق وتوفير مظلة رسمية لحماية المعتدين، مشيرين إلى أن هذه الممارسات تُفقد المواطنين ثقتهم في ما تبقى من مظاهر العدالة في مناطق سيطرة الحوثيين.
وفي منشور شديد اللهجة، هاجم الناشط في جماعة أنصار الله، طه الرزامي، القرار القضائي، وقال: "الإفراج عن الضامن قبل حضور المتهمين يُعد جريمة بحد ذاتها، وإنكارًا للعدالة. الظلم الذي تتعرض له الطبيبة والدعم الذي يتلقاه الجناة لم يسبق له مثيل في اليمن، ولن يتكرر إلا في ظل نظام قضائي فاقد للمصداقية".
وكشف الرزامي أن القاضي الزوقري عقد الجلسة في آخر يوم عمل قبل الإجازة القضائية، دون استدعاء المتهمين الأربعة، متسائلًا: "ما الذي يمسكونه عليكم أسرة فهمي البرح يا قضاة؟"، في إشارة إلى وجود نفوذ غير قانوني يمارس ضغوطًا على القضاء.
وتضمنت الوثيقة الصادرة عن المحكمة توجيهات صريحة بمنع النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما وصفه حقوقيون بأنه "تعسف في استخدام القانون وتكميم للأفواه لكسر موجة التضامن مع الطبيبة والضغط عليها للتنازل".
وتشهد القضية تفاعلاً واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، وسط دعوات لمحاسبة المتورطين في الاعتداء، وفتح تحقيق مستقل، وتوفير الحماية للمجني عليها، التي لا تستند في مطالبها سوى إلى القانون، الذي بات ـ حسب ناشطين ـ أداة في يد سلطة تكرّس الإفلات من العقاب.
وفي ظل استمرار صمت الجهات القضائية العليا الخاضعة للحوثيين، عبّر ناشطون قانونيون عن خشيتهم من أن تتحول قضية الطبيبة طيبة إلى سابقة في تمييع القضايا الحقوقية، خاصة تلك التي يكون الجناة فيها من ذوي النفوذ والسلطة.