تصريح وزير الدفاع الإيراني الأخير عن إنشاء بنى تحتية ومصانع دفاعية خارج بلاده أثار جدلًا واسعًا. فإيران، المعروفة بتوسيع نفوذها عبر أذرعها العسكرية، قد تستخدم هذه المنشآت لنقل قدرات نوعية إلى ساحات أكثر أمانًا لها وأكثر تهديدًا للجيران، وليس مجرد تعاون صناعي عادي كما يروج أنصارها.
في الأشهر الماضية، تداولت تقارير عن نقل أسلحة ومواد محظورة إلى حلفاء إيران، أبرزهم الحوثيون. الصاروخ الحوثي المتشظي الذي أُطلق ليلة أمس باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة يشبه صواريخ إيران التي أُطلقت في حرب الأيام الاثني عشر مع الكيان الصهيوني (13–24 يونيو 2025)، ما يفتح احتمال نقل تقنيات متقدمة إلى اليمن. ويعزز من هذا الاحتمال حجم التهريب والمصادرات الأخيرة، أبرزها ضبط خفر السواحل اليمنية نحو 750 طنًا من أسلحة متطورة بالتنسيق مع شركاء دوليين.
اليمن يشكل لإيران ساحة بعيدة عن الاستهداف المباشر لكنها قريبة بما يكفي لتهديد الملاحة وممرات الطاقة الدولية. وإذا نجحت طهران في نقل قدرات نوعية، سيتحول الحوثيون من ميليشيا إلى منصة استراتيجية، وربما لإغلاق باب المندب ومضيق هرمز إذا رأت طهران ذلك ضروريًا.
الشرعية والتحالف العربي والرباعية الدولية أمام مسؤولية عاجلة: تشديد الرقابة البحرية والجوية، كشف خطوط التهريب، ربط أي تسهيلات اقتصادية بوقف هذه الأنشطة، وخوض حرب معلوماتية لفضح حجم المصادرات ومنع الحوثيين من الترويج لأسطورة “الاكتفاء الذاتي”.
إيران لا تبني في الخارج بنى تحتية خدمية أو مصانع إنتاجية، بل تركز على إنشاء بنى تحتية عسكرية وورش حربية. وما تقوم به ليس حبًا بالشعوب، بل لحماية نفسها وخلق أوراق ضغط استراتيجية. واليمن اليوم مهدد: لا قدر الله، قد يتحوّل إلى أكبر مخزن للأسلحة الإيرانية والوقود الصاروخي، أي مكان لتجميع وتخزين الصواريخ والذخائر والمواد المخصصة لتشغيلها، ليصبح قاعدة خلفية استراتيجية خارج إيران، يمكن استخدامها لإطلاق الصواريخ أو الضغط العسكري على المنطقة، بينما شعبه يرزح تحت وطأة المجاعة.