كشف تطور خطير عن هشاشة البنية الداخلية لمليشيا الحوثي المدعومة من إيران، إذ تضرب الخلافات والصراعات عمق هيكلها الأمني والعسكري والسياسي، وسط مؤشرات تؤكد بدء مرحلة الانهيار الداخلي بفعل تفكك الولاءات، وتبادل اتهامات بالخيانة والتخابر والتسبب في الكارثة التي تعصف بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.
مصادر مطلعة من داخل مناطق نفوذ الحوثيين، أكدت أن تصاعد العمليات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة ضد الجماعة وضد النظام الإيراني الراعي لها، دفع تيار "صعدة" – الجناح الأكثر تشددًا داخل المليشيا – إلى السعي للانفراد بالسيطرة الكاملة على مفاصل الحكم والقيادة في مناطقهم، على حساب باقي مكونات الجماعة من تيارات صنعاء والحلفاء القبليين والسياسيين.
وفي خطوة وصفت بـ"التصفية الباردة"، كشفت المصادر أن جهاز الأمن السري التابع مباشرة لعبدالملك الحوثي أعد ما يُعرف بـ"قائمة العار"، وهي قائمة سرية تضم قيادات أمنية وعسكرية وقبلية بارزة في الجماعة، تم اتهامهم بالتعاون مع "الموساد" الإسرائيلي وجهات استخباراتية معادية، تمهيدًا لإقصائهم أو تصفيتهم بذريعة "الخيانة والتخابر".
وتتضمن القائمة شخصيات محورية تنتمي لتيار صنعاء وشركاء سابقين للحوثيين، في إطار خطة محكمة لاستبعادهم والسيطرة المطلقة من قبل صقور صعدة على القرار الحوثي، خصوصًا بعد انكشاف بعض خطوطهم الأمنية وتعرّض مراكزهم للضربات الدقيقة.
في موازاة ذلك، نشبت موجة غضب داخلية عارمة في صفوف الجماعة، وارتفعت أصوات قيادات تتهم مهدي المشاط، رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي"، بالتورط في إدارة كارثية أدت إلى انهيار الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وتشجيع الفساد وحماية المتورطين في جرائم وانتهاكات، ما تسبب في استنزاف الدعم القبلي وتفشي حالة من الغضب الشعبي في صنعاء وذمار وإب.
وبحسب المصادر، توسعت الانقسامات لتشمل حملات قمع ممنهجة نفذها جهاز الأمن الوقائي التابع لعبدالملك الحوثي، تم خلالها اختطاف وتغييب قيادات ميدانية بارزة كانت تدير الجبهات وتمسك بملف التمويل والتسليح، بزعم تسريب معلومات سرية للعدو، وفرض الإقامة الجبرية على آخرين، ومنعهم من الحركة أو ممارسة وظائفهم.
وتؤكد المعلومات أن الجماعة تعيش حالة استنزاف استخباراتي وأمني غير مسبوقة، بعد انكشاف جزء من بنيتها التنظيمية عقب العمليات النوعية ضد حلفائها في إيران وسوريا، ما عرّى جوانب ضعفها وفضح هشاشة سيطرتها أمام أذرع دولية قادرة على اختراق عمقها القيادي.
ومع تصاعد العقوبات الاقتصادية وإعادة تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل واشنطن، بدأت رؤوس الأموال ومراكز المال بالهروب التدريجي من صنعاء إلى المناطق المحررة، خوفًا من العقوبات والتصنيفات الدولية، في ظل توقف شبه كامل لنشاطات القطاع الخاص وتراجع الدعم القبلي والسكاني.
منذ تورّط الحوثيين في خدمة الأجندة الإيرانية ضد الملاحة الدولية أواخر عام 2023، واجهت الجماعة عزلة دولية ومحلية خانقة، تعمقت بعد انكشاف صفقاتهم مع واشنطن وتل أبيب، وفضيحة استبعاد غزة من أي وقف إطلاق نار أو تهدئة، وهو ما أسقط ورقة المتاجرة بالقضية الفلسطينية التي طالما استخدموها لتبرير سياساتهم.
وبات واضحًا أن الجماعة، التي طالما تغنت بـ"الثبات والصمود"، تواجه اليوم صراعًا داخليًا عنيفًا بين أجنحتها، ينذر بانفجار شامل قد يُطيح بالبنية التي حاولت ترسيخها طيلة سنوات عبر القمع والدم.
ويرى مراقبون أن ما يجري حاليًا داخل مليشيا الحوثي ليس مجرد خلافات، بل مؤشرات صريحة على بداية تفكك شامل من الداخل، نتيجة ضربات خارجية دقيقة، واختناق اقتصادي داخلي، وتراجع شعبي وفقدان للثقة، ما قد يعجّل بانهيارها أو إعادة رسم خارطة ولاءاتها بالقوة.