وسط تصعيد قتالي ينذر بجولة جديدة من المواجهات الدامية، دفعت ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، خلال الأيام القليلة الماضية، بتعزيزات عسكرية ضخمة نحو محيط مدينة مأرب الاستراتيجية، في تحدي صارخ لجهود التهدئة الإقليمية والدولية، واستفزاز خطير يكشف نوايا الجماعة لإشعال الحرب مجددًا بعد فشلها الذريع في اقتحام المدينة قبل أربع سنوات.
وأكدت مصادر ميدانية عسكرية أن عشرات الأطقم والمدرعات التابعة للميليشيات الحوثية شوهدت وهي تنقل مئات المقاتلين المدججين بالأسلحة نحو الأطراف الغربية والجنوبية من محافظة مأرب، وتحديدًا في مناطق متاخمة لخطوط التماس، وسط استنفار واسع واستعدادات قتالية من قبل القوات الحكومية المرابطة هناك.
وأوضحت المصادر أن التحركات الحوثية ترافقت مع تحشيد واسع في جبهات صرواح والبلق والكسارة، حيث شرعت الميليشيا في إنشاء تحصينات هندسية جديدة وزرع ألغام في الطرق المؤدية إلى مواقع الجيش، في مؤشر على نية الجماعة تنفيذ هجمات مباغتة تهدف إلى كسر الدفاعات الأمامية لمأرب.
وتأتي هذه التطورات الميدانية في وقت بالغ الحساسية، بالتزامن مع تصاعد الدعوات الدولية لإحياء العملية السياسية وإنهاء الحرب المستمرة منذ تسع سنوات، وهو ما يعتبره مراقبون محاولة حوثية لفرض أمر واقع ميداني يعزز موقف الجماعة التفاوضي، ويُجهض فرص التوصل إلى تسوية سلمية عادلة.
وشهدت مأرب بين عامي 2020 و2021 واحدة من أعنف معارك الحرب، عندما شنت ميليشيا الحوثي هجمات متواصلة للسيطرة على المدينة الغنية بالنفط والغاز، غير أن صمود القوات الحكومية ومساندة القبائل، بدعم من التحالف العربي، أفشل المخطط، وألحق بالجماعة خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وبحسب تقارير مستقلة، فقد تكبدت الميليشيا خلال تلك الهجمات آلاف القتلى، بينهم قيادات ميدانية بارزة، دون أن تنجح في إحراز أي اختراق يذكر نحو مركز المدينة، ما شكل لها نكسة عسكرية ومعنوية كبرى لا تزال تداعياتها حاضرة حتى اليوم.
ويرى مراقبون أن عودة الحوثيين إلى خيار السلاح والمقامرة العسكرية، بدلاً من الالتزام بخيار السلام، يؤكد طبيعة المشروع التوسعي للجماعة وتبعيتها العمياء لأجندة طهران، في تجاهل تام للكارثة الإنسانية التي يدفع ثمنها الملايين من اليمنيين في مختلف المناطق.