تتزايد عمليات النهب المنظم للمياه الجوفية في محافظتي صنعاء وذمار الخاضعتين لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، وسط فوضى غير مسبوقة من الحفر العشوائي للآبار الارتوازية، دون أي رقابة أو التزام بالقوانين واللوائح البيئية، ما يهدد بكارثة مائية وشيكة تُنذر بتعطش ملايين اليمنيين.
وقالت مصادر محلية وإعلامية إن ظاهرة الحفر العشوائي عادت بقوة إلى أرياف ومدن صنعاء، رغم وجود قرارات سابقة تحظر ذلك، بينما تقف الجهات المعنية عاجزة أو متواطئة، وسط اتهامات صريحة بتورط قيادات حوثية رفيعة في تسهيل منح "تراخيص سرية" مقابل مبالغ ضخمة تُدفع تحت الطاولة.
وتتكرر الكارثة في مدينة ذمار، حيث سُجّل حفر خامس بئر ارتوازية في مساحة لا تتجاوز كيلومترًا واحدًا وسط السوق المركزي، وهو مؤشر خطير على الانهيار البيئي القادم، إذ أكدت شهادات السكان أن عمليات الحفر لا تتوقف ليلًا أو نهارًا، وتُنفذ خارج أي غطاء قانوني أو دراسات هيدرولوجية.
وأكد ناشطون بيئيون أن ما يجري لم يعد مجرد تجاوزات فردية، بل يمثل جريمة منظمة تطال الأمن المائي الوطني، في ظل تجاهل مطبق من سلطات الحوثيين، التي حولت ثروات المياه إلى مصدر للجباية والابتزاز، دون اكتراث بانهيار المخزون المائي وتضرر الآبار القديمة وانقطاع مياه الشرب عن آلاف الأسر.
وأشاروا إلى أن معظم الحفارات العاملة يديرها نافذون حوثيون أو مقربون من قيادات الجماعة، ما يجعل أي محاولة لمحاسبتهم أو وقف التجاوزات غير ممكنة داخل منظومة يغيب فيها القانون وتحضر فيها المصلحة والطمع.
ويأتي هذا الانفلات المائي في وقت يعيش فيه اليمن واحدة من أسوأ الأزمات المائية على مستوى العالم، مع تصاعد موجات الجفاف، وانهيار البنية التحتية، وتراجع مستوى الأمطار، ما يجعل من استمرار هذه الفوضى تهديدًا حقيقيًا للأمن الإنساني والبيئي في البلاد.
ويحذر مختصون من أن استمرار هذا "النزيف الصامت" سيقود إلى ما هو أسوأ من الحرب، داعين إلى تدخل دولي عاجل لإنقاذ ما تبقى من المياه الجوفية ووقف التحول الخطير لليمن من بلد فقير مائيًا إلى أرض ميّتة عطشى بفعل فساد وتوحش الحوثيين.