وجهت الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا ضربة استراتيجية قاصمة للمنظومة المالية الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، حيث أعلن محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد غالب المعبقي، أن جميع البنوك التجارية والإسلامية في اليمن قد أنهت بشكل كامل ارتباطها التشغيلي والإداري بفرع البنك المركزي في صنعاء، واستكملت نقل عملياتها وأنظمتها إلى العاصمة المؤقتة عدن.
جاء ذلك خلال مشاركة المحافظ في جلسة نقاشية نظمها مركز صنعاء للدراسات، حيث كشف عن تفاصيل التحول الجذري في بنية القطاع المصرفي، قائلاً:
"جميع البنوك التجارية والإسلامية نقلت عملياتها الأساسية، بما في ذلك مجالس الإدارة، والإدارات العامة، وأنظمة التحويلات (SWIFT) وقواعد البيانات، وهي تعمل الآن بشكل كامل من عدن".
وأشار المعبقي إلى أن البنك المركزي في عدن يعتمد آلية صارمة لمنح ما يُعرف بـ"شهادة إعادة التموضع"، وهي وثيقة لا تصدر إلا بعد اجتياز البنوك لمتطلبات فنية وإجرائية دقيقة، بالتنسيق مع شركاء دوليين لضمان الامتثال للمعايير المالية العالمية.
وفي ما يُعد إنهاءً رسمياً للهيمنة الحوثية على مفاصل الاقتصاد النقدي، أكد المحافظ أنه "لم يعد هناك أي بنك تجاري يدار من صنعاء، على مستوى أنظمته المركزية أو إدارته العليا"، مشددًا على أن كافة التعاملات مع أنظمة الحوثيين قد قُطعت بشكل نهائي.
وبحسب تصريحات المعبقي، فإن غالبية البنوك اليمنية قد أنهت عملية إعادة التموضع، في حين تبقى لبنك واحد فقط استكمال إجراء قانوني أخير. كما أشار إلى أن بعض فروع البنوك الأجنبية اختارت التصفية الطوعية، بينما تم إيقاف نشاط بنك أجنبي آخر امتثالًا لتصنيفات دولية تتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب (FTO).
وفي تحول مهم على المستوى الدولي، كشف المحافظ عن تفاهمات مع وزارة الخزانة الأمريكية لتسهيل التحويلات المالية الإنسانية والتجارية إلى مختلف المناطق اليمنية عبر آلية "الطرف الثالث"، بما يضمن استمرار تدفق الأموال دون المرور عبر النظام المالي الخاضع للحوثيين.
هذا التطور المصرفي العميق يُمثل ليس فقط انتصاراً تقنياً للمؤسسات الحكومية الشرعية، بل ضربة قاصمة للأذرع الاقتصادية لجماعة الحوثي، التي ظلت تستخدم القطاع المصرفي في صنعاء كأداة لتمويل أنشطتها العسكرية وفرض الجبايات على السكان.
ويؤكد مراقبون أن هذا التحول التاريخي في تموضع القطاع المصرفي اليمني قد يُعيد ترتيب موازين القوى المالية، ويُسرّع من عزلة صنعاء المصرفية، معززًا من قدرة الحكومة الشرعية على ضبط الدورة النقدية والحد من التلاعب الذي مارسته المليشيا على مدى سنوات.