مع بدء فتح ملفات الفساد المغلقة، كشفت مذكرة رسمية عن إحالة مدير عام مكتب الزراعة والري بمحافظة تعز إلى التحقيق، بعد تورطه في عقد إيجار مثير للجدل لأراضي عامة بأسعار رمزية لا تتناسب مع قيمتها الحقيقية، في فضيحة أثارت موجة غضب شعبي.
المذكرة التي أصدرها مكتب الشؤون القانونية بالمحافظة بتاريخ الأحد 15 يونيو 2025، طالبت المدير العام بالحضور إلى التحقيق يوم غدٍ الثلاثاء، على خلفية العقد المبرم مع مواطن يُدعى عبد الله عبد حمود، والذي شمل تأجير جزء من أراضي "قطين الصومي" في منطقة عصيفرة، إضافة إلى بئر موجود داخلها.
ووفقًا للوثيقة، فإن العقار المؤجر يشمل 21 قصبة زراعية وبئرًا مياه، تم تأجيرها بمبلغ 1500 ريال يمني فقط شهريًا (أي 18 ألف ريال سنويًا)، وهو ما وصفه نشطاء بأنه سعر لا يوازي حتى أجرة غرفة متواضعة في أحد أحياء المدينة، فكيف بمزرعة وبئر مياه!
الوثيقة التي سُرّبت إلى الرأي العام سلطت الضوء على خلل كارثي في إدارة أملاك الدولة، حيث تحوّلت الأراضي العامة إلى غنائم شخصية تُوزّع بأوراق رسمية وتواقيع حكومية. وقال أحد النشطاء في تعليقه: "تحولت مكاتب الدولة الإيرادية إلى موزع رسمي للغنائم بين مجاهيش السياسة.. كل شيء له سعر: قبر، مزرعة، بئر، حتى الجبال! فقط ادفع خارج الدفتر".
وأثنى ناشطون على هذه الخطوة، معتبرينها تحركًا طال انتظاره من محافظ المحافظة نبيل شمسان، مشددين على ضرورة أن تكون هذه البداية لمراجعة كافة عقود الإيجارات السابقة، خاصة تلك التي شابها فساد أو تمّت خارج القانون.
وفي المقابل، وجّهت انتقادات شديدة اللهجة للأحزاب السياسية المتحكمة في مفاصل تعز، واتُّهمت بالتواطؤ مع الفاسدين، بل والتستر عليهم ومنحهم مناصب عليا رغم تقارير رقابية دامغة تثبت تورطهم في ملفات فساد مالي وإداري.
وفي ختام موجة التفاعل الشعبي، دعا المواطنون والنشطاء إلى فتح ملفات تأجير أراضي الدولة والوقف في تعز وبقية المحافظات، وخاصة في العاصمة المؤقتة عدن، مؤكدين أن السكوت عن الفساد هو مشاركة فيه، وأن المحاسبة الشفافة فقط هي الكفيلة بوقف النزيف المستمر لموارد الدولة.
كما قال أحد النشطاء: "تعز تنزف مواردها في وضح النهار.. ما لم يُفتح ملف الأراضي بالكامل، فالمفسدون سيواصلون تجريف كل ما تبقى".