آخر تحديث :الأحد-15 يونيو 2025-10:02ص
اخبار وتقارير

جنوح الدلافين في سقطرى يُفجّر ناقوس الخطر البيئي: اضطرابات وتحذيرات من كارثة صامتة

جنوح الدلافين في سقطرى يُفجّر ناقوس الخطر البيئي: اضطرابات وتحذيرات من كارثة صامتة
الأحد - 15 يونيو 2025 - 01:05 ص بتوقيت عدن
- نافذة اليمن - خاص

هزّ سواحل أرخبيل سقطرى مطلع يونيو الجاري، مشهد صادم حيث جرفت أمواج البحر عشرات الدلافين النافقة إلى شواطئ منطقة شوعب، جنوب غرب قلنسية، ما أعاد المخاوف البيئية إلى الواجهة ودفع بمراكز بحثية وبيئية لإطلاق تحذيرات عاجلة من كارثة بيئية تتهدد واحدة من أغنى المحميات الطبيعية في العالم.

وكشفت دراسة علمية حديثة صادرة عن مركز سقطرى للدراسات الإنسانية والاستراتيجية أن الظاهرة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاضطرابات البيئية الحادة التي تُصاحب المواسم المناخية الانتقالية في الأرخبيل، مشيرة إلى أن التيارات البحرية المتضاربة والانحدارات الطبوغرافية لسواحل سقطرى أربكت نظام التوجيه الصوتي (الإيكولوكيشن) لدى الدلافين، ما تسبب بانحراف جماعي نحو الشاطئ ونفوق أعداد كبيرة منها.

ووفق الدراسة، فإن الدلافين التي جُنحت تنتمي إلى أنواع اجتماعية مثل "قارورية الأنف" و"المخططة"، تعيش في جماعات مترابطة، وغالبًا ما يؤدي أي اضطراب في البيئة البحرية إلى تحرك جماعي غير محسوب، خاصة خلال مواسم الرياح الموسمية التي تبلغ ذروتها في فترتي مايو–يونيو وسبتمبر–أكتوبر.

الأسباب العلمية وراء الظاهرة

تشير الدراسة إلى عدد من العوامل البيئية التي تُرجّح وراء الحادثة، من أبرزها:

التغيرات المفاجئة في درجات حرارة المياه والتيارات البحرية، ما يدفع القطعان البحرية إلى الاقتراب من السواحل بحثاً عن طعام أو ملاذ.

ظاهرة "الصعود البحري"، التي تجلب مياهًا باردة وغنية بالمغذيات من الأعماق، محدثة تقلبات مفاجئة في كثافة ودرجة حرارة المياه، ما يؤثر على قدرة الدلافين على تحديد الاتجاه.

الطبوغرافيا الساحلية المعقدة لسقطرى، مثل الخلجان والممرات الضيقة، التي تشكل "فخاخًا طبيعية" للثدييات البحرية.

الضوضاء البشرية، بما في ذلك محركات القوارب واستخدام أجهزة السونار، التي قد تُحدث اضطرابات حادة في سلوك التوجه البحري للدلافين.

تحذيرات وتوصيات

ووصف الدكتور عمر السقطري، مدير الأبحاث البيئية في المركز، جنوح الدلافين بأنه "جرس إنذار للتدهور البيئي الصامت"، مشددًا على ضرورة التحرك العلمي السريع للحفاظ على التوازن البيئي البحري في الجزيرة، التي تُصنف كمحمية طبيعية ضمن قائمة التراث العالمي.

وأوصت الدراسة بـ:

إنشاء نظام إنذار مبكر في المناطق التي تتكرر فيها حوادث الجنوح.

تدريب فرق استجابة محلية مؤهلة لإنقاذ الدلافين بطريقة علمية.

تعزيز رصد التيارات الموسمية ودرجات حرارة المياه، لتحديد الفترات الحرجة.

رفع وعي المجتمع المحلي، حول كيفية التعامل الإنساني والسليم مع الكائنات البحرية الجانحة.

تنفيذ مسوحات دورية لمراقبة صحة وسلوك الكائنات البحرية في محيط سقطرى.

استجابة حكومية ومجتمعية

وكان السكان المحليون قد حاولوا إنقاذ عدد من الدلافين عبر إعادتها إلى البحر، في استجابة إنسانية سريعة خفّفت من حجم الكارثة، ورفعت معدل النجاة إلى قرابة 60%، وهو أعلى من المعدلات العالمية، بحسب الدراسة.

وفي أعقاب الحادثة، وجّه وزير الزراعة والري والثروة السمكية سالم السقطري الجهات المعنية، بما فيها هيئة أبحاث علوم البحار وحماية البيئة في سقطرى، بالتحقيق الفوري في الأسباب، واتخاذ إجراءات علمية لمنع تكرار الظاهرة.

أزمة بيئية أم مؤشر خطير؟

رغم أن الظاهرة ليست الأولى من نوعها، إلا أن تكرارها بوتيرة متزايدة يُثير قلق العلماء والمهتمين بالشأن البيئي، خصوصاً في ظل تغير المناخ العالمي، والتأثيرات المتزايدة للأنشطة البشرية على النظم البيئية الهشة.