آخر تحديث :الجمعة-13 يونيو 2025-07:33م
اخبار وتقارير

فضيحة:70% من أموال إغاثة اليمن مصاريف تشغيلية ورفاهية موظفين.. والمنظمات خارج نطاق المحاسبة

فضيحة:70% من أموال إغاثة اليمن مصاريف تشغيلية ورفاهية موظفين.. والمنظمات خارج نطاق المحاسبة
الخميس - 12 يونيو 2025 - 11:12 م بتوقيت عدن
- نافذة اليمن - خاص - محرم الحاج

في وقت يعيش فيه ملايين اليمنيين تحت خط الفقر، ويئنون تحت وطأة أسوأ أزمة إنسانية في العالم، كشفت تقارير موثقة عن هدر صادم لأموال المساعدات، حيث التهمت المصاريف التشغيلية أكثر من 70% من إجمالي الدعم الإنساني المقدم لليمن في عام 2024م، والذي تجاوز حاجز 2.37 مليار دولار.

الكاتب السياسي المعروف عبد القادر الخراز، نشر تقريرًا خطيرًا مدعمًا بوثائق تكشف بوضوح أين تذهب أموال المانحين، مشيرًا إلى مبالغ ضخمة صرفت تحت بنود غامضة من بينها "مصروفات غير محددة" بلغت نحو 89 مليون دولار، بالإضافة إلى 7 ملايين دولار أخرى تحت مسمى "مصاريف أخرى" في تجاوز صارخ لأبسط معايير الشفافية والمساءلة.

منظمات وهمية وعمليات احتيال ممنهجة

مصدر مسؤول -رفض الكشف عن هويته- أكد وجود شبكات احتيال تمارسها منظمات أجنبية غير حكومية، دخلت إلى اليمن في ظل فوضى الانقلاب الحوثي والحرب المستمرة، مستغلة هشاشة الرقابة، للحصول على أموال طائلة دون تقديم خدمات ملموسة للمتضررين.

وقال المصدر إن كثيرًا من هذه المنظمات تفتقر إلى تراخيص أو أنشطة حقيقية في بلدانها، ومع ذلك تجد الدعم من المانحين الدوليين، الذين يتجاهلون التحقق من خلفياتها وأدائها، ما يفاقم معاناة اليمنيين بدلًا من تخفيفها.

مشاريع "توعوية" تستهلك ملايين الدولارات

وفي متابعة ميدانية، أجرى الصحفي محرم الحاج اتصالات بعدد من الجمعيات والمنظمات المحلية الشريكة للمنظمات الأممية، ليتفاجأ بأن منظمة واحدة تلقت نحو مليون دولار خلال عام كامل، لم تنفذ سوى مشاريع توعوية محدودة عن "غسل اليدين، والإيدز، وختان الإناث"، فضلًا عن توفير مياه شرب لبعض المدارس بعدد محدود.

ويتساءل الحاج: هل يعقل أن تكون تكلفة هذه الأنشطة المتواضعة قرابة مليون دولار؟ أم أن تلك الأموال ذهبت كـ"صدقات خفية" لم تُعلن تفاصيلها؟.

"سياحة إغاثية" بدلًا من العمل الإنساني

وبحسب التقرير، فإن المنظمات الأجنبية تصرف ميزانياتها بشكل أساسي على أجور موظفيها، والتي تصل إلى 1500 دولار شهريًا كحد أدنى، إضافة إلى بدلات ضخمة للسفر، وإقامة فندقية فاخرة، ووجبات ساخنة وباردة، وتأجير سيارات، وغيرها من النفقات التي لا تمتّ بصلة للواقع الإنساني المؤلم في اليمن.

الهيمنة على القرار وتهميش المحليين

تقرير المركز اليمني للسياسات أوضح أن هذه المنظمات لا تكتفي بالهيمنة على التمويل، بل تسيطر كذلك على كامل دورة العمل الإنساني من التخطيط إلى التنفيذ والتقييم، في حين يتم تقليص دور المنظمات المحلية إلى مجرد "مقاولين فرعيين" بلا رأي أو قرار، ما يؤدي إلى تدخلات غير فاعلة، بعيدة عن الاحتياجات الحقيقية للمجتمع.

لا محاسبة... ولا مساءلة

الفضيحة الأكبر التي فجّرها التقرير، هي غياب أي آلية لمحاسبة تلك المنظمات، فلم تُسحب تراخيص، ولم تُفتح تحقيقات، ولم تُحاسب أي جهة رغم الفساد المستشري والتمويلات الضخمة التي تهدر دون حسيب أو رقيب.

دعوة لإنشاء هيئة رقابية وطنية مستقلة

وفي ختام التقرير، طُرحت دعوة واضحة لإنشاء هيئة وطنية مستقلة تخضع مباشرة لرئاسة الجمهورية، تتولى الرقابة الصارمة على أداء المنظمات الإغاثية والإنسانية، بدلاً من الاكتفاء بتصريحات التبرير والدعم التي تصدر عن وزارة التخطيط وسلطات المحافظات.