قال خبراء إن هناك مؤشرات على تحوّل اليمن إلى مسار بديل لتهريب المخدرات، في ظل محافظة الحوثيين على وضع ميداني مستقرّ نسبياً، بعد تضرر محور إيران.
وخلال الأشهر الماضية، شهدت وتيرة العمليات التي تنفذها القوات الدولية والقوات اليمنية، تصاعداً ملحوظاً في ضبط شحنات المخدرات قبالة سواحل بحر العرب والبحر الأحمر، قبالة اليمن، ما يعكس محاولات لتعويض الخسائر التمويلية واللوجستية التي مُنيت بها أطراف محور طهران في المنطقة.
زيادة ملحوظة
ويوم الخميس، أعلنت القوات البحرية المشتركة المكونة من 46 دولة، مصادرة شحنة ضخمة من المخدرات، تتعدى قيمتها 36 مليون دولار أمريكي، خلال عملية أمنية في شمال بحر العرب.
وبحسب الموقع الرسمي للقوات الدولية المشتركة، فإن عملية الاعتراض نفذتها سفينة تابعة للبحرية الملكية البريطانية، في 22 مايو/ أيار الجاري، ما مكنها من ضبط سفينة مشبوهة، على متنها مواد مخدرة.
ومنذ مطلع العام 2025 وحتى الشهر الجاري، نفذت القوات المشتركة 4 عمليات ضبط بحري قبالة سواحل اليمن، صادرت خلالها قرابة 7 آلاف كيلو غرام لأصناف متعددة من المخدرات، مقارنة مع الكميات المضبوطة طوال العام الماضي في بحر العرب والبحر الأحمر وخليج عدن، التي بلغت جميعها 10 آلاف كيلو غرام.
تعويض الخسائر
ويشير المحلل العسكري محسن الخضر، إلى "الدور المتقدم الذي تضطلع به ميليشيا الحوثي بين أطراف المحور الإيراني في المنطقة، ومتطلبات المرحلة لتوسيع الأدوار، بما فيها مسألة الاتجار بالمخدرات".
وقال الخضر لـ"إرم نيوز"، إن "حالة الفوضى الأمنية الناجمة عن استمرار الحرب، وحالة الانقسام في اليمن، تساعدان الحوثيين على تحويل البلد إلى محطة استقبال، وإعادة التوزيع للمخدرات، التي تأتي كأحد الأنشطة المشتركة بين معظم الوكلاء الإيرانيين في المنطقة".
وأضاف أن "هناك صعوبات باتت تواجه بعض الوكلاء، في ظل تغيّر موازين القوى في بلدانها، الأمر الذي يحول دون قدرتها على تأمين هذا النشاط غير المشروع، في ظل تراجع نفوذها والقيود والإجراءات الأمنية الجديدة التي ضيّقت الخناق على شبكات التهريب التقليدية، وهو ما قد يدفع إيران إلى الاستعاضة عن ذلك بالحوثيين" وفق تقديره.
وذكر أن سيطرة الحوثيين على موانئ رئيسة في الحديدة، وشريط ساحلي ممتد على مياه البحر الأحمر، إلى جانب علاقاتهم الوطيدة بشبكات التهريب البرية والبحرية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، بما فيها السواحل المشرفة على مياه خليج عدن وبحر العرب، يجعلهم قادرين على توفير ممرات آمنة لوصول المخدرات.
وبحسب الخضر، تزداد حاجة الحوثيين إلى المصادر غير التقليدية لتمويل أنشطتهم، سواء العسكرية أو السياسية، وذلك ما يوفّره الاتجار بالمخدرات، لمواجهة التحديات المالية الناجمة عن العقوبات، وتراجع الإيرادات المحلية.
مصادر تمويل
وأكد تقرير خبراء مجلس الأمن في اليمن، العام الماضي، أن "الحوثيين يعتمدون على المخدرات كمصدر غير مشروع للتمويل، في خرق مباشر لأحكام تجميد الأصول المفروضة عليهم".
وفي مؤشر يعزز من فرضية التنسيق الإقليمي، أعلنت الداخلية اليمنية، السبت الماضي، تمكنها خلال الربع الأول من العام الجاري، من ضبط كميات كبيرة ومتنوعة من المخدرات والمؤثرات العقلية، مصدر معظمها يعود إلى إيران وباكستان وأفغانستان.
وبحسب "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" الدولية، فإن الحوثيين الذين حوّلوا مناطق سيطرتهم إلى "أسواق مفتوحة للمخدرات"، يستخدمون أرباح الاتجار بها لشراء الأسلحة، ومصدراً للتمويل وأداة للتجنيد.
وقالت في تقريرها الصادر، منتصف العام الماضي، إن "هذا الانتهاك لا يؤدي إلى تأجيج الصراع فحسب، بل يساهم أيضاً في الانهيار الاجتماعي في اليمن، ما يترتب على عواقب مدمّرة على الشباب ومستقبل البلاد".