في خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة لفك الارتباط الأمني والتقني مع إيران، تتجه مليشيا الحوثي لتوطين منظومة اتصالات جديدة، تعتمد على تقنيات صينية وروسية، في ظل تصاعد مخاوف الجماعة من الاختراقات الاستخباراتية بعد تعرض بنيتها الاتصالية لضربات دقيقة.
وبحسب تقرير خاص نشرته منصة "ديفانس لاين" المتخصصة بالشؤون العسكرية، فإن جماعة الحوثي المصنفة إرهابية تخوض سباقًا محمومًا لتعزيز بنيتها الاتصالية والتقنية، عبر شراء معدات تجسس من مصادر بديلة، بعد الضربات الأميركية التي عطلت مراكز حيوية لشبكة القيادة والسيطرة الخاصة بها.
وكشفت وثيقة سرّية حصلت عليها المنصة، أن الجماعة تخطط لتوريد أجهزة "تفريغ بيانات" صينية الصنع، بقيمة تفوق 60 ألف دولار، لصالح "الأمن الوقائي الجهادي"، وهو ذراع استخباراتي سري يقوده القيادي المقرب من زعيم الجماعة، أحسن الحمران.
وتشير الوثيقة إلى تورط شخص يدعى ماجد أحمد سلمان مرعي، وهو الذراع المالي للحمران، في تنفيذ صفقات التوريد عبر شبكات تهريب تمر من مطار صنعاء وميناء الحديدة، إلى جانب خطوط برية تمر من سلطنة عمان.
وتُعد هذه التحركات جزءًا من عملية تحديث شاملة أدخلتها الجماعة على شبكاتها خلال العامين الماضيين، تشمل إعادة تشكيل الشفرات، وربط المنظومة العسكرية بشبكة اتصالات داخلية تُعرف بـ"الاتصالات الجهادية"، والتي تمثل العمود الفقري لقيادة العمليات العسكرية والأمنية للجماعة.
وفي مؤشر على تصاعد أهمية هذا الملف، كلف زعيم الجماعة نجله محمد حسين بدر الدين الحوثي بإدارة قطاع الاتصالات العسكرية والجهادية، إلى جانب تعيينه عضوًا في "اللجنة العليا لإدارة الرؤية الوطنية لبناء الدولة"، في قرار رسمي صدر عام 2022.
وبحسب "ديفانس لاين"، تضم قيادة الاتصالات الحوثية شخصيات من الصف الأول، على رأسهم عبدالخالق حطبة، المقرّب من عبدالملك الحوثي، والذي تلقى تدريبات في إيران، وتم تعيينه نائبًا لمدير دائرة الاتصالات العسكرية برتبة "عميد".
ويتزامن هذا مع تقارير دولية تشير إلى انكشاف الاتصالات الحوثية أمام أجهزة استخبارات إسرائيلية وغربية، وأقمار صناعية متطورة ترصد تحركات الجماعة واتصالات قادتها بدقة عالية، مما جعل عمليات الاختراق أكثر فاعلية.
ورغم محاولة الجماعة استغلال توقف الضربات الأميركية الأخيرة لإعادة تأهيل بنيتها التحتية، يؤكد خبراء أن "الشفرة الحوثية" باتت مفتوحة على احتمالات اختراق متصاعدة، وسط مؤشرات على صراع داخلي محتمل، وتصفيات أمنية على الطريقة الإيرانية، لإغلاق الثغرات ومنع تسريب المعلومات.