حرب اقتصادية موازية للبندقية، إذ تشن مليشيات الحوثي المدعومة من النظام الإيراني، ضربة قاصمة جديدة ضد الاقتصاد اليمني، من خلال تهريب عملات أجنبية بمبالغ ضخمة خارج البلاد، في عملية ممنهجة تهدف إلى تقويض ما تبقى من استقرار اقتصادي، وسط تواطؤ أو عجز رقابي في المنافذ الحدودية.
وكشفت مصادر أمنية عن تصاعد عمليات تهريب العملات من مناطق سيطرة الحوثي، وتحديداً من صنعاء، عبر المنافذ البرية في محافظة المهرة، خاصة منفذي "شحن" و"صرفيت" المحاذيين لسلطنة عمان، التي تُعد أحد أبرز الداعمين للمليشيا بعد إيران.
ووفقاً للمصادر، تستغل مليشيا الحوثي ضعف الرقابة والتفتيش في المنافذ الحدودية، لتهريب كميات ضخمة من العملات الأجنبية، مستخدمة سائقين أجانب من جنسيات عربية وأجنبية لنقل تلك الأموال بعيداً عن أعين الجهات الرسمية.
وأوضحت المصادر أن السلطات اليمنية ضبطت في 14 أبريل الماضي مبالغ مالية ضخمة كانت في طريقها للتهريب عبر منفذ شحن، ما يؤكد حجم الكارثة الاقتصادية التي تصنعها المليشيات، ويكشف عن جزء من الحرب القذرة التي تخوضها ضد الاقتصاد الوطني.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن مليشيا الحوثي تستغل شركات صرافة مشبوهة – بعضها وليدة في مناطق محررة – لسحب العملات الصعبة من السوق ثم تهريبها، ما أدى إلى ضرب العملة المحلية، وزيادة معاناة اليمنيين.
ويحذر الدكتور سامي نعمان، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عدن، من كارثية هذه العمليات، مؤكداً أن "خروج العملات الأجنبية من البلاد هو استنزاف مباشر لمخزون العملات الصعبة، ويؤدي إلى شح الدولار والريال السعودي وارتفاع الأسعار الجنوني".
وأضاف نعمان أن البنك المركزي في عدن يواجه معركة ضارية في وجه المضاربين وتجار الحروب، بينما تظهر التقديرات أن حجم الأموال التي تم تهريبها منذ انقلاب الحوثي عام 2014، يتراوح بين 110 و130 مليار دولار – أي ما يعادل 15 ضعف موازنة الدولة في نفس العام!
هذه الحرب الخفية التي تقودها مليشيا الحوثي على الاقتصاد اليمني تمثل تهديداً وجودياً، ليس فقط للعملة الوطنية، بل لمستقبل اليمن برمته، وسط صمت دولي وغياب الردع الحقيقي في الداخل.