رغم الكمية الكبيرة من المشتقات النفطية المتواجدة داخل خزانات شركة النفط في ميناء الحديدة ومحيطه، إلا أن صنعاء ومحافظات يمنية خاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية تعيش أزمة متصاعدة في الوقود منذ مطلع العام 2024.
وأفاد سكان محليون في صنعاء لـ"نيوزيمن": "بعض محطات الوقود الحكومية والأهلية، أغلقت بشكل تام منذ أكثر من أسبوع، والبعض الآخر يقوم ببيع كميات بسيطة من البنزين والديزل وسط عودة الطوابير الطويلة للسيارات أمام تلك المحطات".
وأشار أحد المواطنين: "عودة الطوابير تؤكد أن هناك أزمات خانقة سيعيشها المواطنون في تأمين المحروقات"، خصوصا أن بعض العاملين في تلك المحطات أكدوا أن شركة النفط قللت الكمية الموزعة للسوق المحلي بسبب نقص الواردات الواصلة إلى موانئ الحديدة بسبب "الحصار والعدوان الأميركي الإسرائيلي في البحر الأحمر"، حسب تعبيرهم.
استغلال الأوضاع المتأزمة وخلق أزمات تحت شماعة "الحصار" ليس بجديد على الميليشيات الحوثية التي دأبت خلال سنوات الحرب الماضية على خلق أزمات المشتقات النفطية في مناطق سيطرتها وتحميل الحكومة اليمنية ودول التحالف العربي المسؤولية من أجل الترويج للسوق السوداء التي تبيع الوقود بأسعار مضاعفة وتجني خلالها القيادات الحوثية أموالا طائلة. ذات السيناريو تحاول الميليشيات تكراره مع تصاعد التوتر مع القوات الأميركية والبريطانية في البحر الأحمر.
المبررات الحوثية بعدم وجود مشتقات نفطية وعرقلة وصول البواخر بسبب الحصار الأميركي، دحضها تقرير برنامج الغذاء العالمي الصادر قبل أيام، والذي أكد أن موانئ الحديدة استقبلت كميات كبيرة من الوقود وتم تفريغها في خزانات تابعة لشركة النفط في الحديدة.
بحسب التقرير الأممي فإن إجمالي الحجم التراكمي لواردات الوقود إلى موانئ الحديدة والصليف الخاضعة للحوثيين بلغ 2.148 مليون طن متري، خلال الفترة بين يناير وديسمبر 2023. وهذا يعد أعلى مستوى خلال الأربعة الأعوام الأخيرة. مؤكداً أن هناك تدابير كثيرة بفعل الهدنة الأممية الأخيرة لتسهيل دخول الوقود والمواد الغذائية التابعة للميليشيات الحوثية على البحر الأحمر.
وأشار التقرير إلى أن الأشهر الأخيرة: أكتوبر ونوفمبر وديسمبر بلغ حجم الوقود الوارد 536 ألف طن متري. وهذه نسبة كبيرة من إجمالي الكمية التي دخلت على مدى العام.
التأكيدات الأممية بوصول كميات كبيرة من الوقود إلى موانئ الحديدة حتى نهاية العام 2023، تكشف زيف الادعاءات التي تروج لها الميليشيات بشأن "الحصار الأميركي والإسرائيلي والبريطاني" لتمرير أزمة المحروقات التي تعيشها مناطقهم منذ مطلع يناير 2024.
مصادر عاملة في شركة النفط بالحديدة أوضحت لـ"نيوزيمن": أن السعة التخزينية للوقود المستورد من الخارج في الخزانات المتواجدة في مينائي الحديدة والصليف وصلت إلى طاقتها الاستيعابية الكاملة. الأمر الذي أدى إلى تأخر عملية تفريغ مزيد من الناقلات والسفن المحملة بالمشتقات النفطية المتواجدة في حرم الميناء خلال شهر ديسمبر الماضي الذي سجل وصول نحو 90 ألف طن متري فقط.
وأوضحت المصادر أن معظم الشركات المستوردة للوقود تابعة لقيادات حوثية، وترفض هذه القيادات عملية التفريغ السريع للوقود المتواجد في خزانات الشركة الحكومية وتوزيعه للسوق المحلي، الأمر الذي أدى إلى بروز أزمة في الوقود في صنعاء وباقي المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
الأعمال المتواصلة التي قامت بها الميليشيات لزيادة الطاقة الاستيعابية للوقود الوارد تحت مظلة "شركة النفط بالحديدة"، كشفت زيف الادعاءات والمعلومات التي تروج لها القيادات الحوثية بشأن انخفاض المخزون أو عرقلة وصول السفن من قبل "أميركا وبريطانيا وإسرائيل"، كما يحاولون تصوريه لتمرير مخططاتهم في إنعاش السوق السوداء وبيع الوقود بمبالغ مضاعفة.
وخلال العام الماضي فقط دشنت القيادات الحوثية عدة مشاريع توسعة لاستيعاب مزيد من الواردات التي تغطي السوق المحلي لأشهر. ومن بين تلك المشاريع خزان استراتيجي بسعة خمسة آلاف و400 متر مكعب لمادة البنزين. وكذا زيادة السعة التخزينية للمشتقات النفطية بسعة ستة ملايين و800 ألف لتر، بواقع 69 خزان. وتدشين عمل منصات التعبئة والتحميل الإضافية، وأعمال صيانة للخزانات السابقة المتهالكة لإعادتها للخدمة.