عودة الشعر العمودي بأغراضه التقليدية من مدح وهجاء وغزل ورثاء ليست مجرّد خطوة إلى الوراء، بل تكاد تكون كارثة أدبية وفنية.
بمنتهى البساطة، اختفت جهود ثمانين عامًا لتجديد الشعر مضمونًا ووزنًا وموضوعات، لنجد أنفسنا في حالة شعرية تُشبه ما كان في عصور الانحطاط: تكلّف لفظي، وزخرفة لا ضرورة لها، وإيقاع فارغ من المعنى، وتكرار ممجوج للصور والأفكار.
هذه الدغيميات والبرغوثيات والحماسيات والغزليات التي تعجن بحور الشعر وقوافيه عجنًا، لا تُنتج في النهاية سوى أبيات مستهلكة ومسطّحة و "تافله"… تلوث ولا مش تلوث يا متعلمين يا بتوع المدارس؟
من الطبيعي، في ظل العودة إلى الطائفة والقبيلة والأفكار ما قبل الحداثية في المجتمع والسياسة، أن نشهد انتكاسة موازية في الشعر؛ فنرتد إلى العصر المملوكي والعثماني. أقول العصر المملوكي تحديدًا لأنه كان عصر الطبليات الجوفاء التي نتجرعها اليوم مجددا عبر الفضائيات.